فصل في الكلام في فرق الشيعة
  هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: ١٠٤]، وقوله: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]، وقد سمّى اللّه تعالى رسوله ذكرا، وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ...} الآية [فاطر: ٣٢]، وقال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، وقال رسول اللّه ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، وقال ÷: «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى».
  فهذه الآيات والأخبار لم تخص ولد الحسين دون ولد الحسن، بل كلّهم داخل في الأمر لا فرق بينهم فيه؛ وأيضا فإن ولد الحسين لم يدّعوا ذلك دون ولد الحسن، بل هم مقرّون أنهم في الأمر سواء، وقد روي عن عيسى بن المتوكل بن هارون قال: حدثني أبي المتوكل بن هارون قال: لقيت يحيى بن زيد بعد مقتل أبيه # وهو متوجّه إلى خراسان فسلمت عليه فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الحج، قال: فسألني عن أهله وبني عمّه، فأخبرته بحزنهم على أبيه، فقال: قد كان عمّي أبو جعفر # أشار عليه بترك الخروج، وعرّفه إلى ما صار إليه أمره. فهل لقيت ابن عمي جعفرا، فقلت: نعم، فقال: فهل سمعته يذكر من أمري شيئا، قلت: جعلت فداك إنك تقتل قتلة أبيك وتصلب، فقال: {يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ}[الرعد: ٣٩]، إن اللّه سبحانه وتعالى يا متوكل أيّد هذا الدين بنا،