فصل في الكلام في فرق الشيعة
  إن اللّه قد جعل الفتنة على الذين يقولون: آمنا ليعلم الذين صدقوا في قولهم، ويعلم الكاذبين في إيمانهم، فهذا وعد واقع واجب، ثم أنزلت(١) {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ}[العنكبوت: ٤]، (ثم)(٢) قال رسول اللّه ÷: «يا علي ويا فاطمة؛ قد علم الرب أنّ أقواما من بعدي عند الفتنة سيعملون السيئات، ويحسبون أنهم سابقون». فقال علي #: فكيف يحسبون أنهم سابقون يا رسول اللّه ومن ورائهم الموت؟ فقال رسول اللّه ÷:
  «يا علي إنهم لم يسبقوا قضاء اللّه الذي قضى فيهم الموت». ثم أنزل {مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ}[العنكبوت: ٥]، لأنه يعني أن من رجا لقاء اللّه أن يستعد لأجل اللّه، فإن يكن تائبا تابعا لطاعته، مجتنبا لخلاف اللّه ومعصيته، يعلم أن اللّه(٣) يعلم ما يعمل، ويسمع ما يقول؛ ولذلك قال سبحانه: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[العنكبوت: ٥]، ثم أنزل سبحانه: {وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ}[العنكبوت: ٦]، فقال رسول اللّه ÷: قد قضى اللّه على المؤمنين عند الفتنة بعدي الجهاد، فقال علي: يا رسول اللّه على ما نجاهد الذين يقولون آمنا؟ فقال رسول اللّه ÷: «تجاهدونهم على الإحداث في الدين». فقال علي:
  يا رسول اللّه إنك تقول تجاهدونهم كأني سأبقى بعدك إلى مجيء الفتنة، فأعوذ باللّه والرسول أن أؤخر بعدك، فادع إلى ربك(٤) أن يتوفاني قبل ذلك، فقال رسول اللّه ÷: «ما كنت حقيقا أن تأمرني أن أدعو اللّه
(١) في (ع): ثم أنزل.
(٢) ساقط في (س، ل، ه، م).
(٣) في (ج): وأن يعلم أن اللّه.
(٤) في (ش): فادع ربك. وفي (ط): فادع لي ربك.