حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في فرق الشيعة

صفحة 514 - الجزء 1

  إن اللّه قد جعل الفتنة على الذين يقولون: آمنا ليعلم الذين صدقوا في قولهم، ويعلم الكاذبين في إيمانهم، فهذا وعد واقع واجب، ثم أنزلت⁣(⁣١) {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ}⁣[العنكبوت: ٤]، (ثم)⁣(⁣٢) قال رسول اللّه ÷: «يا علي ويا فاطمة؛ قد علم الرب أنّ أقواما من بعدي عند الفتنة سيعملون السيئات، ويحسبون أنهم سابقون». فقال علي #: فكيف يحسبون أنهم سابقون يا رسول اللّه ومن ورائهم الموت؟ فقال رسول اللّه ÷:

  «يا علي إنهم لم يسبقوا قضاء اللّه الذي قضى فيهم الموت». ثم أنزل {مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ}⁣[العنكبوت: ٥]، لأنه يعني أن من رجا لقاء اللّه أن يستعد لأجل اللّه، فإن يكن تائبا تابعا لطاعته، مجتنبا لخلاف اللّه ومعصيته، يعلم أن اللّه⁣(⁣٣) يعلم ما يعمل، ويسمع ما يقول؛ ولذلك قال سبحانه: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}⁣[العنكبوت: ٥]، ثم أنزل سبحانه: {وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ}⁣[العنكبوت: ٦]، فقال رسول اللّه ÷: قد قضى اللّه على المؤمنين عند الفتنة بعدي الجهاد، فقال علي: يا رسول اللّه على ما نجاهد الذين يقولون آمنا؟ فقال رسول اللّه ÷: «تجاهدونهم على الإحداث في الدين». فقال علي:

  يا رسول اللّه إنك تقول تجاهدونهم كأني سأبقى بعدك إلى مجيء الفتنة، فأعوذ باللّه والرسول أن أؤخر بعدك، فادع إلى ربك⁣(⁣٤) أن يتوفاني قبل ذلك، فقال رسول اللّه ÷: «ما كنت حقيقا أن تأمرني أن أدعو اللّه


(١) في (ع): ثم أنزل.

(٢) ساقط في (س، ل، ه، م).

(٣) في (ج): وأن يعلم أن اللّه.

(٤) في (ش): فادع ربك. وفي (ط): فادع لي ربك.