حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الهواء

صفحة 75 - الجزء 1

(٢) باب حقيقة معرفة الصنع

  اعلم أن الصّنع اسم للفعل، وهو مصدر من صنع يصنع صنعا؛ وأصله فعل يفعل فعلا، فصح أنّ اسمه يدلّ على أنه فعل، ولا يكون الفعل إلا من فاعل، ولا يكون إلا محدثا لتقدّم فاعله عليه.

  ولا خلاف في أنّ العالم يسمّى صنعا. والعالم اسم للهواء، وما حوى من الأرض والسماء وما بينهما من جميع خلق اللّه العليّ الأعلى. والعالم اسمه موحّد، فإذا جمعت قلت: العالمين؛ قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}⁣[الفاتحة: ٢]، وهذا الفرق في الجمع والموحّد في اللفظ، وأما في المعنى⁣(⁣١) فلا فرق بين العالم والعالمين؛ لأن الاسمين ينبيان عن معنى واحد⁣(⁣٢)، وسمّي العالم؛ لأنه علم ودليل على صانعه.

فصل في الكلام في الهواء

  من ذلك أنا نظرنا إلى الهواء وما فيه من السّعة والرّقة والصفاء، وكونه مكانا للكثيف واللطيف من الأشياء؛ فإذا هو قد قدّر أحسن


(١) في نسخة: فأما في المعنى.

(٢) في (ع): ينبيان على معنى واحد. وفي (ش): يبنيان على المعنى الواحد.