حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الهواء

صفحة 77 - الجزء 1

  قالوا: وجدنا فيه الحياة، وعند انقطاعه الموت، فصح قدمه قبل كل شيء بزعمهم.

  والحجة عليهم أنه مع كبره ضعيف، ومع اتّساعه لطيف، وصحّ من ضعفه أنه لا يحدث في الشاهد صغيرا ولا كبيرا، ولا يغني نقيرا ولا قطميرا، وأنه محدود بسواه، منقطع من غيره، متغير بغيره، وأنه يتغير بالأنوار، ويختلف باختلاف الليل والنّهار، وأنه يتغيّر بالروائح والدّخان والغبار، وبالرّياح والسحاب والأمطار، ويقطع وينقطع، ويضيق ويتّسع، ويتحوّل⁣(⁣١) منه القليل فيتحوّل، من ذلك هواء البئر إذا دفنت انتقل الهواء الذي كان فيها وزال، وما جاز على القليل جاز على الكثير، وما جرى على الصغير جرى على الكبير. وأيضا: فإنه لا يخلو من الحالتين الحادثتين وهما: الحركة والسّكون.

  وقد أجمع المتكلّمون المتقدّمون والمتأخّرون على أنّ الحركة والسكون حالتان حادثتان، إلا أصحاب الاضطراب⁣(⁣٢) وهم بعض أتباع بلعام فإنهم زعموا أن العالم لم يزل متحرّكا بحركات لا نهاية لها، وقالوا: لو ثبت لها أوّل، أو آخر⁣(⁣٣) لثبت حدوث العالم⁣(⁣٤).

  والحجة عليهم أنّ كونه متحركا بعد أن كان ساكنا يدلّ


(١) في (س، ش): ويحوّل.

(٢) في (ص، ع، ش): إلا أصحاب الأسطوان. وفي (أ): إلا بعض أصحاب الأسطوان.

(٣) في (ص، ش، ل): وآخر.

(٤) في (ش): حدث العالم.