فصل في الكلام في الهواء
  على حدوث الحركة(١)، وكونه ساكنا بعد أن كان متحركا يدلّ على حدوث السكون(٢) بالمشاهدة والعلم الضروري.
  وقال بلعام: العالم متحرّك، والحركة الأخرى هي الحركة الأولى معادة. وهذا إقرار منه بحدوث الحركة(٣) وأن لها محدثا؛ لأن كل ما كان له أوّل وآخر محدث، وإذا كانت معادة فلا بدّ لها من معيد.
  وقال: العالم قديم وله مدبّر، خلافه من جميع المعاني.
  وقال أرسطاطاليس: العالم هيولى قديم. وتفسير الهيولى: هو أصل الأشياء، كما أن القطن أصل الثوب، والهيولى هو المدبّر.
  واختلف أهل الدّهر في ظنونهم. وقالوا: العالم قديم، ودليلهم على أزليّته أنهم لا يعاينوا شيئا إلا من شيء. وقالوا: الطّائر من البيضة، والبيضة من الطّائر، والنّطفة من الإنسان، والإنسان من النّطفة. وقالوا: لم يزل العالم بصورة قديمة، ومنهم من قال: لا ندري الإنسان كان قبل النطفة، أو النّطفة قبل الإنسان؟ ودليلهم:
  أنهم لم يروا إنسانا إلا من نطفة، ولا نطفة إلا من إنسان.
  وقالوا: العالم وما يتولّد منه طبع قديم، والصّورة قديمة(٤)، والخلق كامن فيها، وأنكروا أن يكون كامن غير صورة(٥) فتحتاج إلى مصور، وقاسوا العالم بالدّولاب.
(١) في (ب، ج، ش): على حدث الحركة.
(٢) في (ب): حدث العالم.
(٣) في (ب، ج، ص، ش): بحدث الحركة.
(٤) في (ب، د، ل): والصور قديمة.
(٥) في (ض): وأنكروا إن كانت غير صورة.