العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

المسألة الأولى:

صفحة 141 - الجزء 1

  خطيباً ... الخبر⁣(⁣١)، وهو حجة على المحدثين بلا ريب؛ لأنهم زعموا أن مطلق الصحبة


(١) قال الإمام علي #: (إنَّ في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، ولقد كذب على رسول الله ÷ على عهده حتى قام خطيباً فقال: (من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:

١ - (المنافقون): رجل منافق، مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم، ولا يتحرج، يكذب على رسول الله ÷ متعمداً، فلوعلم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدّقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله ÷ رآه وسمع منه ولقف عنه، فيأخذوا بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك. ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك إلا من عصم الله فهذا أحد الأربعة.

٢ - (الخاطئون): ورجل سمع من رسول الله ÷ شيئاً لم يحفظه على وجهه، فَوَهِم فيه، ولم يتعمد كذباً، فهو في يديه، ويرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله ÷ فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه.

٣ - (أهل الشبهه): ورجل ثالث سمع من رسول الله ÷ شيئاً يأمر به ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم إنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه إنه منسوخ لرفضوه.

٤ - (الحافظون الصادقون): وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفاً من الله، وتعظيماً لرسول الله ÷، ولم يَهِم، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه فهوحفظ الناسخ فعمل به وحفظ المنسوخ فجنَّب عنه، وعرف الخاص والعام، والمحكم والمتشابه، فوضع كل شئ موضعه.

كلام ذو وجهين:

وقد كان يكون من رسول الله ÷ الكلام له وجهان: فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لايعرف ماعنى الله سبحانه به، ولا ما عنى رسول الله ÷، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله ÷ من كان يسأله ويستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأله # حتى يسمعوا، وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم) [نهج البلاغة: ٣٢٥ - ٣٢٨].