العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

فصل في الاختيار والكسب

صفحة 189 - الجزء 1

  الجنة»⁣(⁣١).

  فأما حديث ابن عمر: «إنه ليعذب ببكاء أهله»⁣(⁣٢) فقد رده من يعتبر برده من الصحابة ببيان كيفية ورود الخبر مع استنادهم إلى السماع معه وصرحوا بوهم ابن عمر في روايته لهذا الحديث⁣(⁣٣).


(١) المعجم الكبير ٧/ ٢٤٤، الاعتقاد ١/ ١٦٦، الإصابة ٧/ ٣٥٨.

(٢) صحيح مسلم ٢/ ٦٤٠، ٦٤١، صحيح البخاري ١/ ٤٣٢، المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم ٣/ ١٢، ١٤، ١٥، سنن البيهقي الكبرى ٤/ ٧١، ٧٣، مسند الشافعي ١/ ١٨٢، سنن أبي داود ٣/ ١٩٤، السنن الكبرى ١/ ٦٠٩، سنن النسائي (المجتبى) ٤/ ١٧، مصنف عبد الرزاق ٣/ ٥٥٥، شرح معاني الآثار ٤/ ٢٩١، مسند أحمد ١/ ٤٢، ٥٤، ٢/ ٣٨، مسند أبي يعلى ١٠/ ٤٨، المعجم الكبير ١٢/ ٢٦٩، البيان والتعريف ١/ ٢٢٠، التمهيد لابن عبد البر ١٧/ ٢٧٤، ٢٧٥، شرح الزرقاني ٢/ ١٠١، شرح النووي على صحيح مسلم ٦/ ٢٢٨، ٢٣١. وقد ردت عائشة هذا الحديث، وقالت: يغفر الله لأبي عبدالرحمن أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله ÷ على يهودية يُبكى عليها فقال: (إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها) (٢)، قال الحافظ النووي: (وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبدالله ®، وأنكرت عائشة، ونسبتهما إلى النسيان والإشتباه، عليهما، وأنكرت أن يكون النبي ÷ قال ذلك، واحتجت بقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأنعام: ١٦٤]، قالت: وإنما قال النبي ÷ في يهودية أنها تعذب، وهم يبكون عليها يعني تُعَذَّب بكفرها في حال بكاء أهلها لابسبب البكاء) [شرح صحيح مسلم: ٥/ ٢٢٨].

(٣) وعندما نرجع إلى شروط المحدثين في الحديث الصحيح نجدها خمسة ومنها أن لا يكون الحديث شاذاً، وقد عرَّف الحفاظ الشاذ بأنه (ما رواه الثقة مخالفاً به الثقات) فإذا روى الثقة حديثاً مخالفاً به الثقات أعتد حديثه مقدوحاً فيه على قاعدتهم هذه.

فما بالك إذا خالف الثقة القرآن المقطوع بصحته؟ هل يعتبر حديثه مقدوحاً فيه أم لا؟! نعم ولا شك في ذلك بل لا يقبل بالمرة ويرد بلا تردد أو وجل، فما خالف القرآن رد مهما كان وممن كان.

ولذلك نجد أهل البيت $ يؤكدون على ضرورة عدم مخالفة الحديث للقرآن، فإذا خالفه طرح بالمرة وهذا مسلك عظيم وقاعدة قوية، يجب العمل بها ويجب أن تحاكم إليها جميع الصحاح. ولم تأت هذه القاعدة من فراغ، بل إن الرسول الأكرم ÷ أكد عليها فقال: «سيكذب عليَّ كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فهو مني وأنا قلته، وما خالفه فليس مني ولم أقله»، فاستند إليه أهل البيت $ وعملوا على تطبيقه، وقد تنبهت له عائشة فعندما سمعت عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان بحديث: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله» أنكرته وحلفت أن رسول الله ÷ لم يقله وقالت بياناً لرفضها إياه: أين منكم قول الله سبحانه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ =