العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[سمرة بن جندب]

صفحة 266 - الجزء 1

  حتى تلا عليهما القرآن ودعاهما الرسول ÷ فلما نظرا صدق قوله بعقولهما آمنا بواسطة النظر، وهلا عرفا ربهما من غير نظر كما عرفه أهل الحديث، ولم لا يسكت الرسول ÷ من دعائهما ووكلهما إلى عقولهما، بل تكلف ذلك فأين قوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}⁣[ص: ٨٦].

  وأما استدلاله على عدم المحاجة بقوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ}⁣[آل عمران: ٢٠] وأمثالها فهي من الأجوبة المسكتة التي يسميها البيانيون بالإقناعية كقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}⁣[الزخرف: ٨١] بعد إقامة البرهان وتحقق العناد؛ لأن القرآن من حكيم واحد يجب حمله على الائتلاف ومقعده على شريعة الإنصاف والجمع بين آياته وأحكامه فلا تذهب به مذاهب الاختلاف وقد قال سبحانه: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}⁣[النحل: ١٢٥] وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}⁣[المائدة: ٦٧] {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}⁣[الشعراء: ٢١٤] {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[الذاريات: ٥٥] إلى غير ذلك مما يقتضي معناه.

  [ابن الوزير] قال: فإن قلت: قد يكون في الناس من هو بليد لا يستطيع أن ينظر ولا يعرف الأدلة إلا بالتعليم فيجب تعليمه.

  والجواب من وجوه:

  الأول: لا سبيل على قواعدكم إلى العلم القاطع بوجود من هو كذلك، سلمنا فإن الله تعالى حين يعلم منه النظر وطلب الحق يلهمه ويمكنه لا محالة، سلمنا أن الله تعالى لم يمكنه من ذلك لبلادته، فمن أين أنه مكلف بالعلم؟ وما المانع أنه غير مكلف عند من