العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

ترجمة للوالد شيخ الإسلام أحمد بن الإمام الهادي |

صفحة 36 - الجزء 1

  وصل إليه، وأنه لم يفعل هذا الصلح إلا بعد أن تحقق أنه لم يبق معه أنصار فقد أخذوهم بالمال وغيره، كما قال الفرزدق للحسين #: «قلوبهم معك وسيوفهم عليك» فرضي والده، فكانت هذه منقبة كبيرة ومكرمة عظيمة أمن فيها والده وأخوته وطلبتهم ومن هو عائد إليهم، وسكن الدهماء ونشر بسببها العلم الشريف، فقد بلغت حلقات والده العلمية كل حلقة خمسة وثلاثين طالباً في جميع فنون العلم حتى نعش العلم في باقم، ووصل إليه من جميع أنحاء اليمن، واستمر الإمام على ذلك نحو من عشر سنوات كان الخير في ذلك كله.

  ومن ذلك أن الإمام تفرغ من المشاكل، ونشر العلم، وأشرف على تربية أولاده تربية حسنة، وعلى تدريسهم الدروس النافعة الخالصة، حتى أصبح التسعة الأولاد من العلماء الأعلام الأكابر المجتهدين، وإن تفاوتوا في درجات الاجتهاد كل ذلك مع دين وزهد وورع وعفة وأمر بمعروف ونهي عن المنكر.

  وكم وكم من خير وقع بسبب هذا الصلح المبارك، ولا زال آل الهادي ذرية الإمام من حينذاك في لواء صعدة إلى اليوم في أمن وأمان، ورغد عيش واطمئنان، ونشر للعلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد أفاد المترجم له في سبيل ذلك الصلح حتى تم له ويلات المشاق، وأشرف على الهلاك مرات ومرات، ولولا لطف الله به وحلمه وصبره وحسن أخلاقه لفشل، وكان يكفيه ما لاقى من التعنت والجدال والنقاش مع علماء ووزراء المتوكل في السودة، وعلى رأسهم العلامة الكبير أحمد بن عبد الله الجنداري، في اليوم الواحد مجلس أو مجلسان للنقاش، ولولا عون الله ونصره لما تغلب عليهم، ولم يغلب