الجدال
  الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ١٩ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِي لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران: ١٩ - ٢٠]، فهذه الآية الكريمة على ما يتمنى السني في وضوح الدلالة على المقصود في هذا الباب من النص الصريح، على أن ما ذهبوا إليه وأجابوا به أهل اللجاج في الدين هو الله الذي أمر الله به رسوله ÷ من الاقتصار على مجرد الدعاء إلى الإسلام والاتكال في إيضاح الحجة على ما قد فعله الله تعالى لهم من خلق العقول وبعثة الرسل وإنزال الآيات وإظهار المعجزات ... الخ.
  [المؤلف] أقول: ليس كما زعم من أن الآية مجملة لوجهين:
  أحدهما: أنه قيد المطلق فيها بالتي هي أحسن والقرآن كله حسن والنبي ÷ لا ينطق عن الهوى ولا يجوز عليه البذاء، قال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤] وقد عرفناك تفسير الآية، وأما هذه الآية فهي حكاية لما كان بينه ÷ وبين أهل الكتاب وذلك بعد أن عرفهم ما أوحى الله إليه من صفاته في كتبهم السابقة وأفحمهم في جميع تلك المقامات، حتى أدى ذلك إلى عرض المباهلة وخرج ÷ هو وأهله لها فخافوا نزول العذاب وأقروا له بالجزية وامتنعوا من الإسلام، فنزلت الآية تسلية للرسول ÷ لشدة حرصه على إسلام الناس وأمر أن يجيبهم بهذا الجواب الإقناعي الذي هو أبلغ ما يقال بعد ظهور التمرد في المقال.
  فإن قال: إنه لم يجبهم بغير هذا الجواب - أعني بغير هذه الآية - فقد رد الضرورة، فكم