المسألة الأولى: القدح على المحدثين لقبول المجهول من الصحابة وقولهم: إن الجميع عدول بتعديل الله تعالى
  [وصحيح] مسلم - ثم قال: وإن بينهما وبين الصحة لمسافات ومراحل، هذا معنى كلامه، ولعمري أنه على ورعه لا يقول ذلك عن وهم وتخمين، بل عن علم ويقين.
  واعلم: أن بعض العلماء شكك في هذه الرواية عن الهادي، بمعنى أنه معاصر للبخاري ومسلم، والذي اطلعت عليه في (مجمع البحار) أن البخاري ولد في شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وتوفي ليلة الفطر سنة ستة وخمسين ومائتين، ومسلم ولد سنة أربع ومائتين وتوفي في رجب سنة إحدى وستين ومائتين، فأما الهادي رضوان الله عليه، فكانت وفاته في شهر الحجة سنة ثمان وتسعين ومائتين وعمره ثلاث وخمسون سنة، فلعل مولده في سنة خمس وثلاثين ومائتين(١) وخروجه إلى اليمن في سنة ثمانين، فعلى هذا لا مانع من اطلاعه على الصحيحين فافهم.
  وقال في (محاسن الأنظار) لشيخنا أمير المؤمنين الهادي إلى الحق الحسن بن يحيى - رضوان الله عليه - وفي (الجامع الكافي) ما لفظه: قال الحسن بن يحيى #: سألت عن سماع العلم من أهل الخلاف وذكرت أن قوماً يكرهون ذلك.
  فالجواب: أن النبي ÷ قد بلغ ما أمر به وعلّم أمته ما فرض عليهم ولم يقبض رسول الله ÷ إلا عن كمال الدين، ودليله قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣] فقال ÷: «نعيت إليّ نفسي» فما روته العامة من سنته
(١) بل مولده في سنة ٢٤٥ هـ كما أفاده المؤرخ زبارة، وأرخ له بلفظه (همر) الهاء = ٥، والميم = ٤٠، والراء = ٢٠٠، المجموع ٢٤٥ هـ.