[قصة تسليم ملك اليمن أبي العتاهية للإمام الهادي #]
  فأتاه أبو العتاهية، فقال له: يا ابن رسول الله لا تعجل عليَّ. فقال له: انفذ إليهم فاصرفهم عن موضعهم؛ فوالله محمود لئن برزتُ إليهم لأنظمنّهم في رمحي كما يُنْظَمُ الجراد في العود.
  فرجع أبو العتاهية إليهم فناشدهم بالله فلم يقبلوا منه، وحملوا عليه يرمونه بالنبل والحجارة، فطردوا أبا العتاهية، ووقع القتال بالقرب من دار الهادي #. وأتى أبو العتاهية إلى الهادي # فقال له: اركبْ جُعِلْتُ فداك فإن القوم قد غشوك.
  فركب الهادي فرسه، وأمر ابنه أبا القاسم فركب، وأمر أصحابه بالركوب فركبوا، وخرج الهادي من داره، فلما عاينه القوم - وكانوا هزموا أصحابه حتى أدخلوهم الدار - رجعوا إلى مواضعهم، وحمل عليهم وحْده، ومضى الهادي # وطعن أول من لقي من القوم فقتله، ثم طعن آخر، ثم طعن آخر، حتى طرح منهم ثلاثة من خيارهم، ثم لحق الخيل فطعن فارساً فطرحه، وكان طعنه لهؤلاء القوم في حملته التي حمل عليهم، وصدق قوله فنظمهم في رمحه كما وعدهم، فانهزم القوم حتى خرجوا من صنعاء، وخرج الهادي في آثارهم يطردهم وقتل الهادي # عسكراً منهم في الجبَّانة، ثم لحقه أبو العتاهية فسأله الرجوع إلى منزله، فرجع إلى منزله ونزع سلاحه وأمر أصحابه بلزوم بابه، فأرسلوا إلى أبي العتاهية يسألونه الأمان فكلَّم لهم الهادي. فقال له: افعل ما شئت؛ فأرسل أبو العتاهية: أنْ سيروا إلى منازلكم، فدخلوا صنعاء، فلما كان من الغد أمر الهادي منادياً ينادي بالعطاء للعسكر، وهدأ البلد واطمأنّوا