[قصة تسليم ملك اليمن أبي العتاهية للإمام الهادي #]
  وأبو العتاهية، وصلّوا، وقرب وقت المغرب، فالتفت أبو العتاهية فقال: امض جُعلت فداك على بركة الله إلى صنعاء. فقال الهادي: أو نبيتُ هاهنا؟ فقال: اعمل برأيك غير أني لا أحب مبيتك هاهنا لما أحاذرُ من بني عمي على صنعاء.
  إلى قوله: فدخل صنعاء ليلة الجمعة لسبع ليال بقين من المحرم سنة ٢٨٨ هـ ومعه أبو العتاهية بين يديه إلى آخر ما شرح.
  وخلاصة ذلك أن عبدالله بن الجراح والجفاتم أقبلوا من السرِّ يركضون خيلهم إلى صنعاء، وكذلك آل طريف، واجتمعوا عشرة آلاف راجل وستمائة فارس، وقد دبَّروا أن يهجموا على الإمام الهادي وأصحابه وقت صلاة الجمعة، فلما خرج الهادي ورقى المنبر فخطب الناس خطبة بليغة أقبلوا، فوضعوا أيديهم في أثقال أصحاب الإمام الهادي، فأتاه بعضهم وهو على المنبر وأَعْلَمَهُ بما حدث في عسكره، فلم يلتفت إلى ذلك، ومضى في خطبته، ثم نزل فصلَّى بالناس، فخرج أبو العتاهية من المسجد يركض فرسه؛ فقال لهم: يا معشر العسكر تعلمون صنائعي إليكم، وأنا أميركم الذي تعرفون، أعطيكم أكثر مما كنت أعطيكم، وأزيدكم.
  وجعل يرفق بهم فلم يقبلوا منه ما قال، فقالوا بأجمعهم: لا نريد العلوي، فناشدهم بالله وعرّفهم فضله، فخرج الإمام الهادي # من المسجد وعَبَّى من كان معه، ثم سار إلى منزله وجلس مُشْرفاً على آل طريف والجفاتم، وأبوالعتاهية معهم يكلّمهم ويرفق بهم، ولا يزيدهم ذلك إلا طغياناً وكفراً، فأمر الهادي # أصحابه فاصطفّوا قدّام داره، وهو في مجلسه مشرفٌ عليهم،