درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة في فضل الدعاء وأهميته نفع الله بها

صفحة 102 - الجزء 1

خطبة في فضل الدعاء وأهميته نفع الله بها

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ولي الحمد ومنتهى الكرم، الحمد لله المتفضل على خلقه بجزيل النعم، الحمد لله أهل الحمد ومأواه، فله منا أوكد الحمد وأعلاه، وله منا أظهر الحمد وأكرمه وأولاه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا تدركه الصفات ولا يحد باللغات ولا يعرف بالغايات، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، نبي الهدى وموضع التقوى ورسول العلي الأعلى، جاء بالحق من عند الله لينذر بالقرآن المنير والبرهان المستنير، فصدع بالكتاب المبين، ومضى على ما مضت عليه الرسل الأولون صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، واعلموا أن الله تعالى حد لنا حدوداً فلا تعتدوها، وفرض فروضاً فلا تنقصوها، وأمسك عن أشياء رحمة منه بعباده فاقبلوها، الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما اشتبه عليه فهو لما استبان له أترك.

  فاتقوا الله عباد الله وكونوا من أمره على وجل، ولا تغتروا بالآمال وبطول الأجل، فجدوا في طلب الجنة ولن يُنَالَ ذلك إلا بالعمل، ولا تركنوا إلى الدنيا فإنها خداعة غرارة، فكم عالٍ أنزلت، ووالٍ عزلت، وحليم زلزلت.

  فاتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.

  أيها المؤمنون، ولما للدعاء من أهمية عظيمة فإننا نعيش وإياكم فترة من الوقت مع فصل من فصول وصايا أمير المؤمنين علي عليه صلوات رب العالمين، الذي خَبَرَ الحياةَ ووقف على أسرارها، وذاق حلوها ومرها، وعاش آلامها ومصائبها، الذي نصر الحق وجاهد الباطل ونبذه، ووقف عند كل منعطف في الحياة يدرس ظواهره وبواطنه، ليستخلص العبر والحكم؛ ليقدمها إلى أمة محمد ÷ وصايا نافعة، فيقول في هذا الفصل: