خطبة في فضل الدعاء وأهميته نفع الله بها
  (إن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة، أمرك أن تسأله ليعطيك، وأن تسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى شفيع يشفع لك لديه).
  هذا فصل من فصول تلكم الوصية العظيمة، وكما ترون فقد طرح أمامنا مسألة هامة هي من صلب الإيمان ومن أهم الواجبات في الإسلام، فالدعاء هو تعبير عن لقاء بين الإنسان وبين الله القريب المجيب تعالى.
  وأهمية الدعاء عظيمة وفوائده في حياتنا جليلة، فالدعاء والتوسل إلى الله تعالى يجعل الإنسان المؤمن يحس بالراحة النفسية والاطمئنان التام، والدعاء إذا كان بخضوع وخشوع وإخلاص يعين الداعي على الابتعاد عن معاصي الله، ويضاعف نشاطه إلى فعل الطاعات التي تزيد في الحسنات، وبالتالي تقوده إلى جنة الخلد حيث النعيم الدائم والسعادة السرمدية، إلى جوار الله وإلى مرافقة النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
  فإذا توجه العبد إلى الله بقلب خاشع ضارع أقبل الله تعالى عليه فاستجاب له دعاءه، فالله جل وعلا ومن رحمته بعبيده هو الذي يحثهم على الدعاء ويرغبهم فيه، بل هو الذي يلزمهم به ويأمرهم ويعدهم بالاستجابة لهم.
  فعلى العبد إن أراد إجابة دعائه أن يتوجه إلى الله بإخلاص وصفاء ونزاهة، وأن يحقق العبودية الكاملة باللجوء إلى الله، والاستغناء به عمن سواه، لقد أكد القرآن على التزام الدعاء والتعبد به والحث عليه والاعتناء به، يقول الله ø: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ١٨٦}[البقرة].
  بل قد أمرنا بالدعاء وسماه عبادة وجعل تركه استكباراً وتوعد على تركه بدخول جهنم داخرين، يقول عز من قائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ٦٠}[غافر]، ويقول ø: