[في مكارم الأخلاق]
[في مكارم الأخلاق]
  
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الكريم الذي لا يبخل في عطائه، العدل الحكيم الذي لا يجور في قضائه، الحمد لله الغني الذي لا تجوز عليه الفاقة، والمكلف لعباده دون الطاقة، عدل حكيم لا يظلم ولا يجور، ولا يقضي بالفساد في أمر من الأمور.
  واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ركَّب العقول في قلوب المكلفين لإقامة حججه، وأرسل الرسل لإيضاح الدين ومنهجه.
  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  عباد الله، نتواصى بتقوى الله الذي لا تنفد منه نعمة، ولا تفقد له رحمة، الذي رغب في التقوى وزهد في الدنيا وحذر من المعاصي، الذي تعزز بالبقاء وذلل خلقه بالموت والفناء، فالموت غاية المخلوقين وسبيل العالمين، ومعقود لنواصي الباقين.
  فزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وحاسبوها قبل أن تحاسبوا، وتنفسوا قبل ضيق الخناق، وانقادوا إلى الطاعات قبل عنف السياق، وقبل أن تبلغ الروح التراقي وقيل من راق، وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق، إلى ربك يومئذ المساق.
  وخذوا بشرائع الدين فمن أخذ بها لحق وغنم، ومن وقف عنها ضل وندم، واعملوا ليوم تدخر له الدخائر وتبلى فيه السرائر، واتقوا ناراً حرها شديد وقعرها بعيد، وحلية أهلها فيها حديد، وشرابهم صديد.
  واعملوا للجنة عملها، فإن الدنيا لم تخلق لكم دار مقام، بل خلقت لكم مجازاً لتتزودوا فيها الأعمال إلى دار القرار، فأين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى؟ وأين الأبصار اللامحة إلى منار التقوى؟ وأين القلوب التي وُهِبَت لله وعوقدت على طاعة الله؟