[في مكارم الأخلاق]
  ارحموا أنفسكم، وتعرضوا لرحمة الله قبل أن يحال بينكم وبينها، واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.
  أيها المؤمنون، إن الإسلام يعتبر الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن جزءاً لا يتجزأ من الإيمان والعقيدة، فإننا نرى في بعض سور القرآن التأكيد الشديد على السلوك الخلقي إلى جانب التأكيد على الإيمان والعبادة، يقول الله ø: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ١٥ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ١٦}[الفجر]، ثم يقول بعدها: {كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ١٧ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ١٨ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ١٩ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ٢٠}[الفجر].
  ويقول تعالى في آية أخرى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ٣٩ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ٤٠ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ٤١ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ٤٥}[المدثر].
  وهكذا فإن الإيمان يجري جنباً إلى جنب مع السلوك؛ لأنه قضية واحدة لها جانبان: فكري وعملي، فإذا وجدنا من يدعي الإيمان بينما نرى سلوكه غير حسن فسوف نشك في صدق إيمانه؛ إذ قد قال رسول الله ÷: «لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه»(١)، ويقول ÷: «والذي نفس محمد بيده لا يؤمن الرجل حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(٢).
  ويقول ÷: «لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من عترته، ويكون أهلي أحب إليه من أهله، وتكون ذاتي أحب إليه من
(١) ذكره الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى # في تكملة الأحكام بلفظ: (لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرى لأخيه المؤمن ما يرى لنفسه، ويكره له ما يكره لها).
(٢) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن أنس بن مالك.