درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة فيها تفسير كلمات الزهراء صلوات الله عليها

صفحة 138 - الجزء 1

خطبة فيها تفسير كلمات الزهراء صلوات الله عليها

  

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي علا على الأشياء بطوله، وتقدس عن مشابهة المخلوقين بحوله، والبريء من أفعال العباد، المتنزه عن الصاحبة والأولاد، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، نتواصى بتقوى الله، واعلموا أن الله تعالى جعل الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، وجعل الصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، وجعل الزكاة تزكية للنفس ونماء في الرزق، وفرض الحج تقوية للدين.

  هذه المواضيع الأربعة التقطناها من كلمة ألقتها فاطمة بنت محمد بعد موت أبيها ÷، وبعد أن فوجئت بطرد عاملها عن الأرض التي نحلها رسول الله ÷، فلنقف عند كل كلمة منها وقفة تأمل وتدبر.

  فالموضوع الأول قولها: «إن الله جعل الإيمان تطهيراً لكم من الشرك» حقاً حقاً إن التصديق بأحكام الله وتطبيقها، بل إن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إن هذا هو الإيمان الذي يصفه الإمام علي # حين يقول: (الإيمان قول مقول وعمل معمول وعرفان بالعقول) إن هذا الإيمان الذي أوجب الله تعالى الالتزام به كعقيدة رصينة لكل مسلم - إن هذا الإيمان يمثل المناعة العظيمة التي يمتلكها كل مسلم لدرء وباء الشرك الذي يزلزل العقيدة ويهدد كيانها بالانهيار، فيصاب العقل والفكر والروح بعاهة يفقدها التوازن؛ لأن الإيمان الصحيح لا يمكن أن يجتمع مع الشرك في كيان إنسان واحد أبداً.

  أما الإيمان الزائف الذي يكون باللسان فقط، فإنه لا يطهر المتحلي به من شوائب الشرك، ألا تسمعون كيف يقول الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ