[خطبة للجمعة الثانية من شهر رمضان]
[خطبة للجمعة الثانية من شهر رمضان]
  وفيها بعد الموعظة وفضل شهر رمضان وصيامه قضية فتح مكة
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله عدد الرمل والحصى، المعطي لمن أطاعه من العالمين ولمن عصى، الذي قدر لكل حيوان رزقه وأجله، وأظهر من بدائع الخلق ما يشهد بكمال الوحدانية له، الذي بذكره تطمئن القلوب، وتعترف العقول بعجزها عن إدراك ما عنده من الغيب المحجوب، وتعلن الألسنة بتقديسه عن مشابهة كل مخلوق، فالجهل لغيره مضروب، والعجز إلى من عداه منسوب، أحمده وأشكره كما يرضى ويحب، وأسأله سؤال من رغب.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن مولانا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  عباد الله، نتواصى بتقوى الله وطاعته، فإن خير العبيد أطوعهم، وإن أحبهم إلى الله أبرهم لعباد الله وأنفعهم، وإن أعلمهم بالله أجلهم قدراً لديه وأرفعهم، وإن أشر الناس من لا يذكر معاداً ولا يدخر لرمسه زاداً ولا يصلح من نفسه فساداً.
  فليسع كل امرئٍ إلى إصلاح ما أفسد، ولتنظر كل نفس ما قدمت لغد، قبل أن يقوم ناعيها، وتروم إمهال أجلها فلا يراعيها، فإن العمل أقل، والأمر أجل، وإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل.
  واعلموا أن من أفضل أعمال البر وأزكى الأعمال التي تكتسبونها في العلانية والسر، وأعظم قربة خص الله بها من يتقي ويصبر - السعي في مصالح العباد والنصيحة لحاضرهم والباد، بتعليم جاهلهم، وتنبيه غافلهم، ومواساة عائلهم، وإرشاد المسترشد، ونصرة المستنجد، وإطعام الطعام، وإفشاء السلام، وصلة الأرحام، واصطناع المعروف، وإغاثة الملهوف، وستر العورات، وإقالة العثرات، وموالاة أهل الإيمان، ومكافاة المسيء بالإحسان.