درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[الخطبة الثالثة لشهر رمضان فيها ذكر مقتل الإمام علي #]

صفحة 184 - الجزء 1

  واعلموا أنكم في أجل محدود وأمل ممدود ونفس معدود، فلا بد للأجل أن يتناهى ولا بد للأمل أن يطوى، ولا بد للنَّفَس أن يحصى، {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ١٠ كِرَامًا كَاتِبِينَ ١١ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ١٢}⁣[الانفطار].

  فجدوا في الطاعات وإخلاص الأعمال فأنتم في مواسم القبول، أنتم في شهر عظيم، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، الأعمال فيه تقبل والأجور تتضاعف، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.

  أيها المؤمنون، إننا نتحدث في هذا الجامع الطاهر عن شخصية عظيمة، عن أمير المؤمنين علي # الذي هو نفس رسول الله ÷ بنص القرآن في آية المباهلة.

  نتحدث عمن هو من رسول الله بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة، وعمن لو رمنا عشر العشير من خصائصه الجمة لاستغرقنا زمناً طويلاً دون أن نحصل على ذلك، ويكفينا ما دوَّنه سيدنا ومولانا حجة الله في هذا الزمن العلامة الفاضل سيدي مجدالدين بن محمد في «لوامع الأنوار» وغيرها من مؤلفاته القيمة.

  نتحدث عن إنسان بهر العقول بما نال من الصفات الكمالية حتى النصارى المنصفين.

  اسمعوا معي ما يقول المسيحي العربي اللبناني «بولس سلامة» في مقدمة كتاب ألفه في فضائل وخصائص أمير المؤمنين علي # وسماه: «ملحمة عيد الغدير»، كتاب نفيس يقول في مقدمته: إن هذا الإمام يذكره المسلمون فيقولون: كرم الله وجهه، ويقولون: #، ويذكره النصارى في مجالسهم فيتمثلون بحكمه ويخشعون لتقواه، وتتمثل به الزهاد في الصوامع فيزدادون زهداً، وينظر إليه المفكر فيستضيء بهذا القطب الوضاء، ويتطلع إليه الكاتب الألمعي فيأتم ببيانه، ويعتمده الفقيه المدره فيسترشد بأحكامه، أما الخطيب فحسبه أن يقف في السفح ويرفع الرأس إلى هذا الطود الشامخ لتنهل عليه الآيات من علو، وينطلق