درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

دائرة آخر جمعة من شهر رمضان

صفحة 198 - الجزء 1

  الله، فليتق الله»⁣(⁣١).

  وفي حديث آخر يروى عنه ÷ أنه قال ما معناه: «لو أن السماوات والأرض كانتا رتقاً على عبد؛ ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجاً»⁣(⁣٢).

  فاتقوا الله الذي إليه تحشرون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.

  أيها المؤمنون، ما هي إلا أيام معدودة وقد فارقنا هذا الشهر العظيم، الذي قام فينا مقام حمد وصحبنا صحبة مبرور وأربحنا أفضل أرباح العالمين؛ ولهذا فإنا مودعوه وداع من عز فراقه علينا، وغمنا وأوحشنا انصرافه عنا، فنحن قائلون: السلام عليك يا شهرَ اللهِ الأكبر ويا عيدَ أوليائه، السلام عليك يا أفضل مصحوب من الأوقات، ويا خير شهر في الأيام والليالي والساعات، السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ونشرت فيه الأعمال، السلام عليك من قرين جل قدره موجوداً، وأفجع فقده مفقوداً، السلام عليك من شهر رقَّت فيه القلوب وقلت فيه الذنوب، السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان، وصاحب سهل سبل الإحسان، السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب وأسترك لأنواع العيوب، السلام عليك من مطلوب قبل وقته، ومحزون عليه قبل فوته، السلام عليك وعلى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر.

  اللهم صل وسلم على محمد وآله، اللهم وقد تولينا بتوفيقك صيامه وقيامه على تقصير، وأدينا فيه قليلاً من كثير، فلك الحمد إقراراً بالإساءة واعترافاً بالإضاعة.

  فصل وسلم على محمد وآله واجبرنا بمصابنا، وآجرنا على تفريطنا أجراً


(١) رواه الإمام أبو طالب في أماليه عن ابن عباس.

(٢) دمجه أميرالمؤمنين علي # في كلامه لأبي ذر | لما أخرج إلى الربذة الذي صدره: (يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ لِلَّهِ فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ إِنَّ الْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ) قال الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة في الديباج الوضي عندما وصل إلى شرح: «ولو أن السماوات والأرض ...»: هذا بعينه حديث مرفوع إلى الرسول # استعمله في كلامه ها هنا.