درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في شهر القعدة فيها نصائح عظيمة وترغيب في الحج]

صفحة 201 - الجزء 1

[خطبة في شهر القعدة فيها نصائح عظيمة وترغيب في الحج]

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي دل على وجوب وجوده افتقار الممكنات، ودل على قدرته وعلمه إحكام المصنوعات، المتعالي عن مشابهة المخلوقين، المنزه بجلال قدسه عن مناسبة الناقصين.

  نحمده حمداً يملأ السماوات وأقطار الأرضين، حمداً لا منتهى لحده ولا حساب لعدده ولا انقطاع لأمده، ونشكره شكراً كثيراً على نعمه الظاهرة والباطنة، ونستعينه على دفع البأساء وكشف الضراء في كل الحالات وجميع الأزمنة.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً أحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.

  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونبذ الخيانة، ونصح الأمة وكشف الغمة، صلى الله وسلم عليه وآله الطاهرين الأخيار الصادقين الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله في خلقه، يقول ربنا جل وعلا: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}⁣[النساء: ١٣١].

  نتواصى بالتحلي والتخلق بأخلاق القرآن العظيم، نتواصى بالتحلي والتأسي بإمام النبيئين وسيد المرسلين وخيرة الله من خلقه أجمعين، النبيء الكريم الذي يقول الله في الثناء عليه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤}⁣[القلم].

  واعلموا أن من أجل الأخلاق العظيمة الحلم والعفو وكظم الغيظ، يروى أن من كظم غيظاً وهو يقدر على أن ينتقم ممن أغاضه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاً وأمناً.

  ويروى أيضاً أن من كظم غيظه زاده الله بذلك عزاً في الدنيا والآخرة، وإذا