درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في شهر القعدة فيها نصائح عظيمة وترغيب في الحج]

صفحة 202 - الجزء 1

  كان يوم القيامة وقد جمع الله الخلائق نادى مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم بعض من الناس فتتلقاهم الملائكة ويقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنا في الدنيا نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا، ونعفوا عمن ظلمنا. فيقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة بغير حساب.

  ونتواصى - عباد الله - بالزهد في الدنيا، نتواصى بترك حرامها خوفاً من العقاب، وبترك شبهاتها حذراً من العتاب، وما أمكن من حلالها فراراً من طول الحساب، وليس الزهد إضاعة المال أو تحريم الحلال، وإنما الزهد قصر الأمل والشكر عند النعم، والورع عن المحارم، كما يقول الوصي عليه صلوات رب العالمين.

  فاتقوا الله الذي إليه ترجعون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.

  أيها المؤمنون، لقد روي عن رسول الله ÷ أنه قال من خطبة طويلة:

  «أيها الناس، كأن الموت فيها على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نُشَيِّع من الأموات قوم سفر عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم، نسينا كل واعظة، وأمنَّا كل جائحة»

  ثم قال ÷: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، طوبى لمن طاب كسبه، وصلحت سريرته، وحسنت علانيته، واستقامت خليقته، طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وأنفق مما جمعه من غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، ورحم أهل الذل والمسكنة، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة ولم يشذ عنها إلى بدعة»⁣(⁣١).

  ومن وصايا المصطفى ÷ قوله ما معناه: «صنائع المعروف تقي مصارع


(١) رواه الإمام الموفق بالله في كتاب الإعتبار وسلوة العارفين عن الإمام الحسين #.