درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

عند قدوم يوم عرفة

صفحة 223 - الجزء 1

  وأن نسلك سبيله، وأن نطيعه فيما أمر ونهى، فـ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.

  ومن الجدير بنا حيث قد فاتنا حضور ذلكم الجمع المشهود - من الجدير بنا أن نقوم في هذه الأيام العظيمة عموماً وفي يوم عرفة خصوصاً بالتضرع إلى الله ø، والإلحاح بالدعاء في أن يتجاوز عن سيئاتنا وأن يغفر لنا ويرحمنا، ومن الحق علينا أن نقدم لأنفسنا ما نستطيع من أعمال البر، من صيام وصدقات وذكر وشكر لله ø، فعسى الله تعالى أن يشركنا معهم في الرحمة وأن يكتب لنا مثل ما كتب لهم ولعباده الصالحين، فقد أمرنا ø بالدعاء ووعدنا بالاستجابة وهو تعالى لا يخلف الميعاد، كما أن علينا جميعاً أن نستصحب التوبة وأن نلازمها في بداية أمورنا ونهايتها، وفي سفرنا وفي إقامتنا وفي ليلنا وفي نهارنا، وفي حلنا وفي ترحالنا وفي جميع حالاتنا، ففي الحديث الشريف عن رسول الله ÷ أنه قال: «يا أبا ذر، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد ولكن أمسوا تائبين وأصبحوا تائبين»⁣(⁣١) وقام رسول اللّه ÷ حتى تورَّمت قدماه - أو ساقاه ـ. فقيل له: يا رسول الله، أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً»⁣(⁣٢).

  والزموا تكبير التشريق فإنه سنة مؤكدة بعد كل صلاة، ابتداء بصلاة الفجر يوم عرفة وانتهاء بصلاة العصر يوم رابع العيد، وهو أن يقول المصلي بعد التسليم: «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد» وندب أن يقول بعد ذلك: «والحمد لله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام» يكرر هذا التكبير والتهليل والتحميد ثلاث مرات بعد الفرائض والنوافل.

  هذا، وقد روي أن رسول الله ÷ كان لا يخرج للصلاة يوم عيد الفطر إلا


(١) أخرجه المؤيد بالله # في سياسة المريدين.

(٢) رواه الإمام أبو طالب في أماليه عن أنس