عند قدوم يوم عرفة
  وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟» قالوا: نعم، قال: «ألا فليبلغ الشاهدُ الغائب».
  ثم قال ÷: «أيها الناس، إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا يجوز لوارثٍ وصيةٌ في أكثر من ثلث» ثم قال: «والولد للفراش وللعاهر الحجر، ألا ومن ادَّعى لغير أبيه ومن تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل منه صرف ولا عدل»(١).
  فهذا ما انتهى إلينا من خطبته ÷ في يوم عرفة، فعلينا أن نهتدي بهديه
(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن واقد بن محمد عن أبيه بلفظ: قال رسول الله ÷ في حجة الوداع: «ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: شهرنا هذا، قال: فأي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: بلدنا هذا، قال: ألا فأي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟ قالوا: يومنا هذا، قال: فإن الله ø قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا هل بلغت - ذلك ثلاثاً - كل ذلك يجيبونه نعم، فقال: ويحكم أو ويلكم لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض». وفي درر الأحاديث النبوية «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا إن كل شيءٍ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعٌ، وأول دمٍ أضع دم ربيعة بن الحارث، وكان مسترضعاً في بني سعدٍ فقتلته هذيلٌ، وربا الجاهلية موضوعٌ، وأول رباً أضع ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوعٌ كله، واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانات الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطين فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرحٍ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي إن اعتصمتم به، كتاب الله وأنتم مسؤولون عنه، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة فرفعها إلى السماء وبطنها إلى الناس: «اللهم اشهد ثلاثاً». وقال المولى العلامة مجدالدين بن محمد المؤيدي في كتاب الحج والعمرةما لفظه: قال في خبر الصادق #: «فسار رسول الله ÷ ...»، إلى قوله: «حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرُحِّلَت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا ...» إلى آخر الخطبة النبوية التي قرر فيها معالم الإسلام، وهدم قواعد الشرك والجاهلية، وحرم المحرمات التي أجمعت الملل على تحريمها، الدماء والأعراض والأموال وغير ذلك.