خطبة فيها ضرورة الإيمان بالمعاد وأنه السبيل لالتزام الإنسان بمنهج الله
خطبة فيها ضرورة الإيمان بالمعاد وأنه السبيل لالتزام الإنسان بمنهج الله
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله القادر العليم، الحمد لله الفاطر الحي القديم، الذي خلق ما خلق بغير تعليم وسلك به في منهج الحكمة المستقيم، الذي لا يعرفه المكلفون بالعيان، وإنما يعرفه أهل الإيمان بما ابتدعه من خلقه وأبان، وجعله على ذاته أعظم برهان، الغني الذي لا تجوز عليه الحاجة والفاقة، والمكلف لعباده دون الطاقة.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً عدلاً حكيماً لا يجور، ولا يقضي بالفساد في أمر من الأمور.
  وأشهد أن سيدنا ومولانا وحبيبنا وعظيمنا محمداً عبده ورسوله، المبعوث على حين فترة من الرسل وانقطاع من السبل، وطموس من الهدى وظهور من الكفر والردى، فقام بنصر الحق وحزبه، وأعلن بإهانة الباطل وسبه، وجاهد في الله حق الجهاد، وبلغ ما أمره الله بتبليغه إلى العباد {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال]، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الكرام.
  أما بعد، عباد الله، فإن الله تعالى خلقنا لعبادته وأمرنا بطاعته، وقرن الإيمان بالبعث وما يتفرع منه بالإيمان به ø وبملائكته وكتبه ورسله، فيقول جل وعلا في معرض الثناء على المتقين: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ٤}[البقرة]، ويقول في مدح فريق من الأعراب: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ