خطبة فيها ضرورة الإيمان بالمعاد وأنه السبيل لالتزام الإنسان بمنهج الله
  رَحِيمٌ ٩٩}[التوبة]، وقال عز من قائل في التنديد بالمنافقين والمخادعين: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ٨ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ١٠}[البقرة].
  فلولا الإيمان بالبعث بعد الموت وبالحشر والنشور وبالحساب على النقير والقطمير، ولولا الخوف من الفضائح أمام الملائكة والأنبياء وأمام الخلائق أجمعين، ولولا الخوف من العذاب الأليم العظيم - لقل العاملون أو ندروا من بين أفراد البشر، ولسار الإنسان مع شهواته وأهوائه ونزواته، ولا أحسب أن في كلامي شيئاً من الغلو والمبالغة إذا قلت: إن الذين يعبدون الله لأنه أهل للعبادة لا يتعدون الأنبياء والأئمة الهداة والعلماء الصلحاء، كعلي # الذي كان يقول: (والله ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكني عرفت أنك أهل للعبادة فعبدتك).
  وكحفيده زين العابدين السجاد، الذي كان يقول: «والله لو صمت نهاري وقمت ليلي وأفنيت عمري في عبادة الله لما قمت بشكر نعمة من نعم الله التي لا تحصى»، وأمثالهما من الصادقين، ولذلك فإن الإيمان بالبعث والجزاء هو السبيل إلى قيام المكلفين بما كلفوه من الواجبات، فإن العبد عند إيمانه بذلك يكون أقرب إلى فعل ما أمر به من الطاعات، وإلى ترك ما نهي عنه من المعاصي والسيئات، هذا معلوم عقلاً، فما بال الإنسان في هذه الحياة الزائلة نراه يجهد نفسه؟ ويتحمل المشاق في سبيل تحصيل شيء من حطام هذه الدنيا، مع أن النتيجة مجهولة، فلعل الأجل أو القضاء أو غيره يحول بينه وبين ذلك!.
  كما أنه قد يتجنب الإقدام على فائدة محققة، بمجرد أخبار تحتمل الصدق والكذب تزعجه عن الإقدام على ذلك، هذا شيء محسوس ومشاهد، ففكروا وتعقلوا، فإن هذه المآسي والشرور والآثام التي يتخبط فيها الإنسان بما يقوله