دائرة عامة
  ثم كذلك قد أرشدنا رسول الله ÷ إذ يقول: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»(١).
  ألا واعلموا بأن الداعي إلى الباطل هو الشيطان، عدوكم الذي أخرج أبويكم من الجنة، والذي أقسم بعزة الله ليغوينكم أجمعين لما طرده الله من رحمته حين قال له الله تعالى: {فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ٧٧ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ٧٨ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ٧٩ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ٨٠ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ٨١}[ص]، فقال الشيطان لعنه الله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ٨٣}[ص].
  وقد نبهنا الله ø إلى أن الشيطان هو الداعي إلى النار وأنه عدو بني آدم إذ يقول تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ٦}[فاطر].
  ومهما كان الأمر كذلك وهو كذلك، فإن عليكم أن تطيعوا ربكم فهو الذي يدعوكم إلى الجنة والمغفرة بإذنه، وعليكم أن تعصوا عدوكم الذي يدعو أتباعه إلى عذاب السعير.
  واعلموا عباد الله أنكم لا تنالون السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة إلا بالرجوع إلى الله تعالى وبالتوبة الصحيحة الصادقة، وبالإخلاص لله في السر وفي العلانية، وبالإذعان للحق وإن كان مرّ المذاق، وإلا فإنه الشقاء والخسارة في الدنيا والآخرة، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد: ١١].
  فقوموا أيها العباد بما أمركم الله به، وتقربوا إليه بالتوبة النصوح، واستفتحوا أبواب إجابة الدعاء بالانقياد والخضوع والخشوع وإعلان العبودية الحقيقية المطلقة، وبتقديم الصلوات على خير الخليقة محمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين،
(١) تقدم تخريجه.