درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

كل ذي نعمة محسود

صفحة 288 - الجزء 1

  الإسلام منهم، كشيخ الأبطح وسيد مكة أبي طالب ¥ وأرضاه.

  أما الذين لا طريق إلى الشك في جهادهم في الإسلام كحمزة والعباس، فلهم لدى هؤلاء صور حِرَفية لا تنهض بالدلالة على مزاياهم وعبقرياتهم خلقاً وخلقاً.

  أما من لم يدرك الإسلام منهم كالغيداق والزبير بن عبدالمطلب، فلا حظ لهم من البحث والعناية أبداً، هذه هي الظلامة، وهذه هي الضلالة، هؤلاء يميت التاريخ والمؤرخون المستأجرون يميتون عظمةَ هؤلاء، ويؤخرونهم عن مواضعهم الطبيعية، ويشككون في كفاءتهم وفي مؤهلاتهم، بل يتمادون إلى ما هو أفظع من ذلك حيث يشككون في إسلامهم، بينما أمية وبنوه يتمتعون بما ليس لهم، وينعمون بالحياة جزافاً بلا ثمن.

  ولكن من أمعن نظره وتثبت وناقش التاريخ حتى يقف على الحقيقة، فإنه سرعان ما يجد أن الهاشميين نفر خلقوا من الخير المحض، ورافقوا المصلحة العامة في الأجيال المتعاقبة والحقب، يقودون الإصلاح ويدعون إليه، ويتطورون في هذه الدعوة مع الحياة.

  فكلما وجدوا سبيلاً إلى الزيادة في الإصلاح والتجديد ورفع الحياة تقدموا لقومهم بِمَثَلٍ يقتدى به، وفضيلة تتبع، وكلما ظفروا من ذلك بضرع أدرُّوه على الناس سلسالاً وعسلاً، وأفاضوا من أخلاقه نعماً وأملاً، فهم مصدر الحضارة وإليهم يرجع التشريع والاقتصاد والنظام، ومنهم أُخِذت قواعد الحياة، وبهم عرفت مكةُ سبلَ التجارة والري، وأنظمة العدل والمساواة والتعاون، وهل الإيلاف وزمزم وحلف الفضول وتحريم الخمر وسنة الديات والقسامة وما ماثل هذه الأعمال الخيرة - هل ذلكم إلا مظهر من مظاهر نزوعهم إلى الإصلاح؟ والنهوض بقومهم إلى حضارة كاملة يعيش الناس في ظلالها أحراراً أبراراً؟

  بزغت أنوار الهاشميين فكانت مبعث الخير والبركة، واندفقت من يوم هاشم أيديهم المبسوطة وأنفسهم الهانئة بالغيث المدرار، فيجد العفاة على موائدهم نعيم الشبع، ويجد المظلومون على عدلهم فوز الانتصار، والمكروبون على أنفسهم فرحة السرور، ويجد