خطبة فيها ضرورة الإيمان بالمعاد وأنه السبيل لالتزام الإنسان بمنهج الله
  أما اللجوء إلى توجيه الإنسان بمختلف الوسائل أو مناشدة المجرمين والطغاة بالكف عن الجرائم - فذلك لا يكفي لردع الإنسان عن أهوائه وميوله ما دامت تتعارض مع مصالحه وأهوائه ورغباته، وحتى القوانين التي تضعها الدول لمعاقبة المجرمين ليست بأوفر حظ في النجاح من التخويف بالمواعظ والنداءات المستمرة؛ لأنها وإن أفلحت أحياناً بالنسبة إلى المحكومين الضعفاء الذين لا مال لهم ولا عشيرة ولا جاه، فقد أخفقت بالنسبة إلى غيرهم من الحاكمين وذوي النفوذ والقوة.
  فعلينا أن نبذل جهودنا لإرشاد أبنائنا وإخواننا، بعد إرشاد أنفسنا إلى هذه الطريق وهذا المنهاج ليسلكوه، فإنا إذا قمنا بهذا الواجب المقدس، وعلم كل بني إنسان أن الله تعالى يراقبهم في كل حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأفعالهم ونواياهم، وسيحاسبون على كل صغيرة وكبيرة - إذا قمنا بذلك فإن تلكم الموجات العارمة من الشرور والفساد والجرائم والمنكرات تتلاشى وتنتهي بإذن الله، ويعود الخير والأمن والسعادة للبلاد والعباد، فميدان العمل مفتوح على مصراعيه في سبيل الخير والبر والصلاح والفلاح.
  نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والنجاح، وأن يجعل أعمالنا وأقوالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم الوقوف بين يديه، وأن يجعلنا جميعاً من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين آمين اللهم آمين.
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ١٩٣ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ١٩٤}[آل عمران].