درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي رضوان الله عليه]

صفحة 304 - الجزء 1

  من المحرم سنة اثنتين وعشرين ومائة للهجرة.

  واتفق أصحابه على أن يعدِّلوا نهراً عن مجراه وحفروا له هنالك قبراً ثم أعادوا مجرى النهر من حيث كان حتى لا يعرف قبره خوفاً عليه من بني أمية، وكان لديهم غلام سندي قد اطلع على ما عملوا، وفي اليوم الثاني نادى يوسف بن عمر: أن من دله على قبر زيد فسوف يعطيه من المال ما طلب، فدلهم ذلك الغلام السندي، فاستخرجوه من قبره وحزوا رأسه وأرسلوه إلى هشام بن عبدالملك بن مروان، وصلبوا جثته بالكناسة عريان، ولكنها كانت تأتي العنكبوت فتنسج على عورته في الليل، فإذا جاء النهار هتكوها.

  وأتت يوماً امرأة فرمت خمارها من الأرض إلى أعلى الشجرة فالتف على عورته، فحاولوا هتكه حتى إذا هتكوه أسبل لحم السرة حتى غطى العورة.

  ولبث مصلوباً زمناً طويلاً إلى أيام الوليد بن يزيد وذلك عند قيام يحيى بن زيد $ فعند ذلك كتب الوليد إلى يوسف بن عمر: أما بعد فإذا أتاك كتابي فانظر عِجْل أهل العراق فأحرقه وانسفه في اليم نسفاً، ففعل يوسف بن عمر ذلك.

  وقد روي أن رماده اجتمع في الفرات حتى صار مثل هالة القمر يضيء إضاءة عظيمة⁣(⁣١)، فسلام الله عليه وعلى آبائه الطاهرين ورحمة الله وبركاته.

  وأخيراً أسأل الله تعالى أن يسلك بنا منهاج محمد وآل محمد، وأن يحيينا على سنتهم ويتوفانا على ملتهم، وأن يحشرنا في زمرتهم ويسكننا الجنة بجوارهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين، آمين اللهم آمين.

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ


(١) ذكر ذلك في التحف شرح الزلف.