[كلمة الحفل في يوم الغدير]
  إذ قد روي عن ابن عباس ® قوله: «نزل في أمير المؤمنين علي # خاصة ثلاثمائة آية من القرآن، وما من آية تخاطب الذين آمنوا إلا وعلي # أولهم وأفضلهم» ولذلك نقول: إن الحديث عنه لعسير.
  غير أن مما لا بد منه التوضيح بأن الله تعالى يبتلي عباده ويختبرهم؛ لِيُعْرَفَ الصادق من الكاذب، ويُعْرَفَ المؤمن ويتميزَ عن الكافر والفاسق والمنافق، هذه سنة الله في خلقه.
  وليس معنى ذلك أن الله تعالى لم يكن يعلم ما تنطوي عليه سرائرهم، وإنما ذلك لينكشفوا لدى أنفسهم أولاً؛ لأن من المحتمل أن يكون بعضهم مغروراً وظاناً لنفسه الكمال، وبعضهم قد يكون متمرداً وعاصياً ولكنه مستخفياً عن الناس، ثم لينكشفوا لدى الناس، فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان.
  ولنضرب لذلك مثالاً: اختبر الله تعالى الملائكة الكرام وكان إبليس يتعبد ويتظاهر بالطاعة حتى عد طاووساً للملائكة لكثرة عبادته، فامتحنهم الله واختبرهم بالسجود لآدم # فقال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٣٤}[البقرة]، استنكر إبليس هذا الأمر واستكبر، ورفض السجود مع الملائكة الكرام، وتعلل بأنه خلق من النار وآدم إنما خلق من الطين، جعل المادة هي المقياس، ولتكبره عرف نفسه وعرفته الملائكة، حبطت أعماله عبادة ستة آلاف سنة ذهبت أدراج الرياح، انتهت في موقف واحد، طُرِد من رحمة الله واستحق اللعنة إلى يوم الدين، وفي الآخرة العذاب المهين.
  وهكذا اختبر الله ثمود - قوم النبي صالح # - اختبرهم الله بناقة، خلقها الله تعالى من الصخرة بمشاهدتهم وهي معجزة لنبيهم # وآية لهم، وذلك الاختبار، أن الله تعالى أمرهم على لسان نبيهم بأن يجعلوا لتلك الناقة شرب يوم ولهم شرب يوم آخر، مع أنه ضمن لهم بأن تمر في يوم شربها على أبوابهم ليحتلبوا