[كلمة الحفل في يوم الغدير]
  لهم منها ما يكفيهم ليومهم، وأمرهم بأن لا يعتدوا عليها، فتمالئوا على عقرها وعقروها فعمهم الله بالعذاب وأبادهم، وهكذا اختبر أمة كل نبي.
  ثم إن الله تعالى اختبر أمة محمد ÷ بأهل البيت $، حيث كلف الله الناس بمودتهم وجعلها أجر رسالته إليهم، وأجر إخراجهم من الظلمات إلى النور، وما لاقاه وعاناه من التكذيب والتنديد والحروب الجماعية، وخروجه من موطنه ومسقط رأسه مكة المكرمة وغير ذلك من المشاق العظيمة، وأبان الله فضل أهل البيت وتطهيرهم، وبين للناس أن الفائدة من هذا التكليف تعود عليهم - أي: على المكلفين أنفسهم - ولأنه ضمن الله تعالى نجاة من والاهم وتابعهم واهتدى بهديهم من الضلال، ووعدهم بالجنة إن استقاموا على ذلك، وهناك أحاديث لا تحصى كثرة في هذا الشأن، وفي أن طاعتهم طاعة لله وللرسول ÷، وأنزل على رسوله قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، وبين لهم أنه لا بد من الامتحان والاختبار، فقال جل وعلا: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ٢ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ٣}[العنكبوت]، آيات بينات تبين للأمة أنه لا يكفي الإيمان بالقول فقط، لا بد من الخضوع والاستسلام لأوامر الله، ولا بد من طاعة من أمرنا بطاعتهم، ومودة من أمرنا بمودتهم ومتابعتهم، وأخذ ما نحتاجه من العلوم منهم؛ لأنهم ورثة علوم النبيين والأدلاء على معرفة رب العالمين، كما جاءت بذلك النصوص الصحيحة الصريحة، ولو لم يكن إلا ذلكم البيان الهام الصادر من حبيب الحق وسيد الخلق في يوم الغدير الشهير.
  هذا البلاغ الذي لو لم يعلنه لذهبت أتعابه ومعاناته وما لاقى من مشاق - تعجز الجبال الرواسي عن تحملها - أدراج الرياح، اسمعوا إلى هذا التهديد البليغ، يقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ}[المائدة: ٦٧]، هذا التهديد العظيم ممن يا ترى؟! إنه من الملك الجبار المقتدر؛ ولهذا لم يستجز رسول الله ÷ أن يتقدم خطوة واحدة بعد