[في بر الوالدين]
  ويبدو أن تلكم التوصية الربانية والنبوية إيقاظ لضمائرنا وتحريك لشعورنا وأحاسيسنا، وحث لنا على تأدية الشكر لكل منعم، فالله تعالى هو المنعم الأول الذي أعطى كل نفس هداها، وغمرت أنعمه العباد من جميع نواحيهم، فحيثما اتجه الإنسان فهو يتقلب بنعم الله، فله علينا المنة وله علينا الشكر العظيم والتقديس والتعظيم، والانصياع المطلق للقيام بما أمر وبالانتهاء عما نهى عنه، وهذا الشكر لا يستفيد الله منه شيئاً، وإنما آثاره وفوائده عائدة علينا، فإذا شكرناه حق شكره أثابنا وزادنا نعماً فوق ما قد أعطانا، فإنه يقول وهو أصدق القائلين: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم: ٧]، ويقول: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ١٤٥}[آل عمران].
  ثم إن علينا كذلك أن نؤدي حقوق رسول الله ÷ على ما قام به نحونا من إنقاذنا من هوة الشرك وظلماته، إلى نور الإسلام وتمييز الحلال من الحرام، وشكره هو أداء أجر رسالته وما لاقى من المتاعب والمشاق العظيمة في سبيل إخراجنا من الظلمات إلى النور، وقد بينها الله لنا في قرآنه حيث يقول: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣].
  ثم إنها كذلك آثارها وفوائدها عائدة علينا بكل خير، فهو يقول بعد أن أبان ما هو الحق الذي علينا من مودة قرباه يقول: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}[الشورى: ٢٣].
  ثم علينا مكافأة الآباء والقيام ببرهم والإحسان إليهم وبالدعاء والاستغفار لهم وإكرام أصدقائهم وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهم كما أمرنا الله ورسوله.
  ونسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً سبيل الرشاد، ويوفقنا لما يحبه ويرتضيه، وأن يجعل أعمالنا وأقوالنا خالصة لوجهه إنه سميع مجيب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين آمين اللهم آمين.
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ