[خطبة فيما للأبناء على آبائهم]
[خطبة فيما للأبناء على آبائهم]
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أوضح سبيل الحق وأبانه، وأقام عليه دليله وبرهانه، الذي جعل العقل في خليقته حجة وعياراً، ونصب الشرع لبريته محجة ومناراً، حكمة منه وعدلاً، ورحمة من لدنه وفضلاً.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ربنا ورب آبائنا الأولين لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة لعباد الله، المبلغ حقيقة مراد الله، أرسله الله حجة على من بين السماء والأرض، وأميناً لله على تأدية النفل والفرض، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأخيار الصادقين الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، الذين أوجب معرفتهم رب العالمين، وفرض مودتهم وطاعتهم على الخلق أجمعين.
  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فالله تعالى قد رغبنا في التقوى وحثنا عليها فقال عز من قائل: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة: ١٩٧]، وأمرنا بها في كثير من آياته يقول ø: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا}[لقمان: ٣٣]، ويقول: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ١}[الحج]، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٢٨١}[البقرة]، صدق الله العظيم.
  أيها المؤمنون، لقد أوجد الله الإنسان كغيره من الكائنات الحية، وجعله من أفضلها وذلك بما وهب له من المواهب العظيمة، التي بها قوام إنسانيته، وأعظمها وأجلها العقل، ثم سخر له ما في الكون من الموجودات، ولذلك كان هو المخلوق المكرم الذي عناه الله بقوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ٧٠}[الإسراء].