درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة فيما للأبناء على آبائهم]

صفحة 59 - الجزء 1

  ولذلك أيضاً كان هو المؤهل لأن يكون خليفة لله في أرضه، وهو المعني بقول الله ø: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}⁣[البقرة: ٣٠]، ولكنه لا يتسنى له ذلك إلا إذا قام أبواه بتربيته تربية إسلامية صحيحة صادقة.

  واعلموا أيها المؤمنون، أن أولادكم أمانة في أعناقكم، وسوف تسألون عنهم يوم القيامة؛ لأن الصبي مائل إلى ما يمال به، فإن عوده أبواه على الخير وعلماه آداب الإسلام وأحكام الإسلام وأخلاق المسلمين الصالحين نشأ على ذلك وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وإن عوداه على الشر وعلى الفحش في القول وبذاءة اللسان، أو أهملاه دون تعليم ولا مراقبة فإنه يشقى ويهلك، وربما شاركه في أوزاره أبواه بسبب إهمالهم إياه، فإذا كان الأبوان شفيقين على أبنائهم من مصائب الدنيا والحريق والغرق، فصيانتهما لأبنائهما من نار الله الموقدة أولى وأحق.

  فعلى جميع الآباء الاهتمام بتعليم أبنائهم معالم الدين الحنيف، وما أوجب الله عليهم من الفرائض وما نهاهم عنه من القبائح، وبوجوب طاعة الله وطاعة الوالدين وصلة الأرحام، والرحمة بالضعفاء والأيتام وما إلى ذلك من أعمال البر.

  فقد حث الإسلام الأبوين على رعاية أولادهم والمحافظة عليهم صغاراً وكباراً، وتربيتهم تربية سليمة صالحة، تهيئهم للعمل والمساهمة في بناء مجتمع مسلم سليم.

  وقد حظ الإسلام على رعايتهم والتخطيط لحاضرهم ومستقبلهم، ومضاعفة الجهود بتثبيت خطاهم على الصراط المستقيم، فبمقدار ما يقوم به الآباء من تربية أولادهم التربية السلمية وغرس الأخلاق الفاضلة في نفوسهم يكونون قد صنعوا لأولادهم مستقبلاً سعيداً لا يضيعون فيه لحظة من أعمارهم دون أن يؤدوا فيها عملاً كريماً يقربهم من الله ويوصلهم إلى الأهداف العالية والآمال الغالية.