في ذكر الموت وفي الحث على الاستقامة على النهج القويم والصراط المستقيم
  وأن هؤلاء الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا يتولاهم الله برحمته ورضوانه، لَمَّا التزموا الاستقامة وساروا على الجادة، ولهم عند الله جميع الرغبات التي تشتهيها أنفسهم وما يطلبون.
  أعد الله لهم ذلك وغفر لهم وتجاوز عن سيئاتهم، وأدخلهم برحمته في عباده الصالحين،
  قال لرسول الله ÷ بعض أصحابه: أخبرني عن الإسلام بأمر لا أسأل عنه أحدًا بعدك، فقال: «قل آمنت بالله ثم استقم» قال: فما أتقي؟ فأومأ بيده إلى لسانه(١).
  والله جل وعلا يقول لنبيئه محمد ÷: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ١١٢}[هود]، أبان الله هنا أن الاستقامة لا تتحقق إلا إذا التزم العبد بما أمره الله به، وأن النبي ÷ مطالب من الله بأن يلتزم الاستقامة هو ومن تاب ورجع إلى الله واتبع الرسول ÷ وأن المؤمنين لا يحل ولا يجوز لهم أن يتجاوزوا ما أمرهم الله به أو يتعدوا حدوده.
  والاستقامة لها فوائد عاجلة في هذه الدنيا، اسمعوا ماذا يقول ربنا ø، إنه يقول: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: ٩٦]، بركات السماء هي الأمطار الهنية التي تحيي الأرض بعد موتها، وبركات الأرض هي ثمارها الطيبة المباركة من أنواع الطعام وأنواع الفواكه، والأعشاب التي يتخذونها علاجاً لأمراضهم، وطعام الدواب وغير ذلك مما لا نعلمه، يقول ø: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ١٦}[الجن]، صدق الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
(١) رواه أحمد بن قاسم الشمط المعمري في الثمار المجتناة عن الإمام علي # بلفظ قال: قلت: يا رسول الله، أوصني. قال: «قل ربي الله ثم استقم» قلت: ربي الله عليه توكلت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.