درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

خطبة الحقوق

صفحة 76 - الجزء 1

  مناقبه، وأن لا تجالس عدواً له، ولا تعادي له ولياً، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله لا لغيره.

  وأما حق رعيتك عليك فعليك أن تعلم أن الله تعالى إنما جعلك قيماً لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه، فإذا أحسنت في تعليمهم وقمت بما عليك لهم زادك الله من فضله، وإن أنت منعتهم ومنعت الناس علمك، كان حقاً على الله أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلك.

  وأما حق الزوجة فعليك أن تعلم أن الله جعلها لك سكناً وأنساً، وأن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها أن ترحمها لأنها أسيرك، وتطعمها وتكسوها وإذا جَهِلَتْ أن تعفو عنها.

  وأما حق أمك عليك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً، ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع هي وتطعمك، وتعطش هي وتسقيك، وتعرى هي وتكسوك، وتضحى هي وتظلك، وتهجر النوم لأجلك، وَوَقَتْك الحر والبرد، ولا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.

  وأما حق أبيك فعليك أن تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فأطعه وأد حقوقه كاملة غير منقوصة، واحذر أن تعقه فإن الجنة محرمة على العاق لوالديه.

  وأما حق ولدك فعليك أن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وُليته من حسن الأدب والدلالة على ربه والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، معاقب على الإساءة إليه.

  وأما حقوق قرابتك فأن تعلم أنهم عزك وقوتك فلا تتخذهم سلاحاً على معصية الله، ولا عدة على الظلم لخلق الله، ولا تدع نصرتهم على الحق والنصيحة