درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في صفات المتقين]

صفحة 84 - الجزء 1

  وأطنب # في وصفهم إلى أن قال: (فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزماً في لين، وإيماناً في يقين، وحرصاً في علم، وعلماً في حلم، وقصداً في غنى، وخشوعاً في عباده، وطلباً في حلال، ونشاطاً في هدىً، وتحرجاً عن طمع، يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر، يمزج العلم بالحلم والقول بالعمل، تراه قريباً أمله، قليلاً زَلَلُه، خاشعاً قلبه، قانعة نفسه، ميتة شهوته، مكظوماً غيظه، الخير منه مأمول والشر منه مأمون، يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيداً فحشه، ليناً قوله، غائباً منكره، حاضراً معروفه، مقبلاً خيره، مدبراً شره، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، يعترف بالحق قبل أن يُشْهَدَ عليه).

  ومما قال # في وصفهم: (قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، أجسادهم نحيفة، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة، صبروا أياماً قصيرة فأعقبتهم راحة طويلة، تجارة مربحة يسرها لهم ربهم، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها، أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حازمون على أوساطهم مفترشون لجباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون من الله فكاك رقابهم، أولئك حزب الله {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٢٢}⁣[المجادلة]).

  فهل سمعتم أيها الناس ما جاء في وصفهم؟ ولكننا نتساءل فهل يا ترى من أحد في عصرنا هذا الملوث بالآثام من يتحلى بمعشار هذه الصفات العظيمة للمتقين؟ كلا وألف كلا!