[خطبة في الإخلاص وترك الرياء]
  فتداركوا عباد الله ما قد سلف منكم من التقصير والتفريط، وعاتبوا أنفسكم على ما استحلت من التخليط، وجدوا في طاعة الله بامتثال أوامره ونواهيه، وقوموا بأداء الواجبات وترك المحرمات.
  ولا تركنوا أبداً إلى الدنيا فإنما هي كأضغاث أحلام، إن أقبلت فلا يؤمن شرها ووبالها، وإن أحسنت مرة أساءت عدة مرات، فكل متعزز بالدنيا فإلى الذل مصيره، وكل متكثر بها فإلى التحسر مصيره، شأنها الهرب من طالبها والطلب لهاربها، من خدمها فاتته، ومن أعرض عنها أتته، لا يخلو صفوها عن شوائب المكدرات، ولا ينفك سرورها عن المنغصات، سلامتها تعقب السقم، وشبابها يسوق إلى الهرم، فاحذروها فإنها خداعة صرَّاعة، وتزودوا إلى الله في حياتكم بالأعمال الصالحات فهي - والله - خير بضاعة.
  روي أن سليمان بن داود @ مر في موكبه العظيم، الطير تظله والجن والإنس عن يمينه وعن شماله، مر بعابد من العباد فقال: يا ابن داود، لقد آتاك الله ملكاً عظيماً، فأجابه نبي الله سليمان # قائلاً: «لَتسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أعطي ابن داود».
  وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، وختم لي وإياكم بالحسنى، إنه سميع مجيب، وممن دعاه وناجاه قريب.
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ﷽: {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ٣}.