[خطبة حول العقل]
[خطبة حول العقل]
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله فاتح أبواب رحمته لمن طرقها، الحمد لله موضح منهاج السعادة لقلوبٍ وَفَّقَها، الحمد لله قابل الحمد من ألسنة بحمده أنطقها، الحمد لله شاكر البذل من أيدٍ هو الذي أعطاها ورزقها، نحمده على ما أنعم، ونشكره على ما ألهم.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الأعظم، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله الأكرم، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، وبارك وترحم وتحنن وسلم.
  عباد الله، نتواصى بتقوى الله وطاعته، أيها الناس، عجباً لابن آدم زخرفت له الجنة فأبعده عنها كسله، وسعرت له النار فأوقعه فيها زلَلُه، ناداه الرحمن فكأنه لندائه لم يسمع، وناجاه الشيطان فلبى دعوته وأسرع؛ وذلك لأنه لم يستعمل عقله لما خلق له.
  إن الإنسان تفوَّق على كل من شاركه في الحياة بهذه الهبة العالية العظيمة، التي منحه الله بها، وهي العقل، فامتاز به على سائر الحيوانات، وقد كان في أول حياته ضعيفاً لا يعلم شيئاً ولا يقوى على شيء، ولا يستطيع ما يستطيعه بعض الحيوانات.
  نعم، هذا الإنسان وهكذا خلق، ولكنه بهذه النعمة العظمى والهبة الكبرى خرج من مصاف الحيوانات وارتقى إلى قمة الإنسانية، فبهذا العقل العظيم يستطيع أن يفكر في ملكوت السماوات والأرض وفي نفسه وما حوله؛ ليحصل على معرفة الله حق المعرفة، وليدرك وجود صانعه، وليعرف المنعم المتفضل فيؤدي شكره.
  ثم إن الإنسان بواسطة هذا العقل العظيم يستطيع أن يتتبع ويستقرئ أسرار الطبيعة، ويستخرج الكنوز والمعادن فيستفيد منها كما أراد الله له ذلك، فالله تعالى إنما خلقها للإنسان فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩].