[ولاية الإمام في الواجبات على من لم تنفذ أوامره عليه]
  وامتنعوا من تسليم الزكاة إلى أبي بكر وقالوا قال اللّه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]، والخطاب للنبي ÷ وأبو بكر لم يخاطب بالأمر بالأخذ ولا صلاته سكن لمن أخذ منه(١) فنحن نفرقها في فقرائنا والصحابة قد صاروا أغنياء حتى قال قيس بن عاصم المنقري شعراً:
  حبوت بها من منقرٍ كل بائسٍ ... وآيست منها كل أطلس طامع
  وقال قائل بني حنيفة:
  أطعنا رسول اللّه إذ كان بيننا ... فواعجبا ما بال دين أبي بكر
  فيورثها بكر لمن كان بعده ... وتلك لعمرو الله قاصمة الظهر
  وإن الذي سألتموا ومُنِعتموا ... لكالتمر أو أحلى لديّ من التمر
  فلما كان منهم ذلك استشار أبو بكر الصحابة في شأنِهم، فكان من رأي عمر الإمساك عن حربهم وتركهم يصرفونها لمن عندهم لقوة شوكتهم وقرب عهدهم بالإسلام، وتشدد أبو بكر وقال: واللّه لا أباقيهم، إذاً يصير فعلهم سُنة في الإسلام، ولو منعوني عِقالاً أو قال عناقاً مما أعطوه رسول اللّه ÷ لحاربتهم عليه؛ فصوبه الصحابة وأجمعوا على حربهم، وأرسل أبوبكر إلى مجاوريهم من المسلمين ليأخذوا الحذر منهم، ويحفظوا أطرافهم حتى استتم أمره، وبيّتهم الصحابة وقتلوهم، وهم يشهدون أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه صادقاً فيما أتى به، وسبَوْهم وقتلوهم والأذان في مساجدهم، وكان في الصحابة أمير المؤمنين علي #، وأخذ خولة بنت يزيد أو بنت جعفر سبية واستولدها محمد بن الحنفية، وكذلك الصهباء بنت ربيعة من بني تغلب
(١) إشارة إلى الآية ..