[ولاية الإمام في الواجبات على من لم تنفذ أوامره عليه]
  فإن قلت: قد شفيت بواضح الدليل جرح العليل، فما حكم من أظهر إلى الداعي إلى اللّه والذاب عن دين اللّه كما ذلك عادة كثير من المتشيعين وأهل التدريس في كتب المفرعين فلا يزالون يفتون بعدم تسليم الواجبات إلى الإمام وصرفها من دون إذن منه - فما حكم الصارف(١) والآخذ والمفتي؟
  قلت: ذكر الإمام المنصور باللّه عبداللّه بن حمزة # أن من أخذ الزكاة في عصر الإمام معتقداً جواز الأخذ كان ردةً لرده ما عُلم من الدين ضرورة،
  وإن أخذ وهو عالم بالتحريم كان فاسقاً(٢)، قال الإمام عز الدين بن الحسن # وكذا يكون عنده حكم الصارف إذ لا فرق.
  ويعضد كلام الإمام المنصور باللّه ما ذكره الهادي # في وصيته التي خطها عهداً بينه وبين ربِّه إذ قال:
  وأشهد أن الجهاد بالنفس والمال أفضل ما تعبد اللّه به عباده، وأن تاركه بعد ظهور واحد منا أهل البيت كافر باللّه جاحد، ولله سبحانه معاند، هذا قول يحيى بن الحسين وعليه يموت. انتهى كلامه # ولم يفصل بين مال ومال، وهذا أمر مقلق فيجب على كل مسلم الانتباه وسلوك سبيل النجاة.
  ويصحح ما قاله الإمامان(٣) @ ما كان من أمر الصحابة في شأن بني حنيفةً وأشكالهم الذاهبين إلى ما ذهبوا إليه، وذلك أن بني حنيفة لما مات النبي ÷،
(١) الصارف هو مخرج الزكاة، والآخذ المستحق من الفقراء والمساكين ... إلخ.
(٢) أقول وباللّه التوفيق: لا يجوز أن يؤخذ هذا الكلام على ظاهره (أو عمومه) قطعاً؛ لأنه يلزم منه تكفير القائلين بجواز أخذ الزكاة في عصر الإمام حيث لا تنفذ أوامره وهم أهل المذهب الشريف ومنهم الإمام الأعظم أبو طالب #، فيجب أن يحمل على أن المراد من أخذ الزكاة في عصر الإمام معتقداً عدم وجوبها أصلاً أو أنه لا يجوز إعطاؤها إلى الإمام مطلقاً، حيث تنفذ أوامره وحيث لا تنفذ، والتأويل الأول أصح.
وأما كلام الإمام الهادي إلى الحق # فيحمل على أن المراد من ترك الجهاد معتقداً عدم وجوبه مطلقاً ليكون رداً لما علم من الدين ضرورة من وجوب الجهاد واللّه ولي التوفيق. من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٣) الهادي والمنصور باللّه ª.