[الفصل الثالث في الوعد والوعيد]
  ومما يدل على إمامته # قول النبي ÷: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي».
  وهذا الحديث أيضاً متواتر مجمع على صحته عند الموالف والمخالف، وفيه من الكتب المشهورة الصحيحة عند المخالفين أربعون إسناداً غير رواية الشيعة وأهل البيت $، ذكره المنصور باللّه # ثم قال: والخبر مما عُلم ضرورة، وقال الحاكم أبو القاسم الحسكاني ¦: وهذا حديث المنزلة الذي كان شيخنا أبو حازم يقول حديث المنزلة خرجته بخمسة آلاف إسناد، وقد دل على إمامة أمير المؤمنين # دلالة واضحة لأنه أثبت له جميع ما لهارون من موسى إلا النبوة، ومن جملتها الخلافة كما قال تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي}[الأعراف: ١٤٢] وقال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ٢٩ هَارُونَ أَخِي ٣٠ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ٣١ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ٣٢}[طه].
  لا يقال: إنما يفيد ذلك لو عاش هارون بعد موسى #؛ لأنا نقول: لو عاش لثبت له تلك المنزلة قطعاً لقوله تعالى: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى ٣٦}[طه] ولبقاء الأهلية.
  ومما يدل على إمامته # حديث الوصاية، وقد صح إجماع العترة $ على أنه ÷ أوصى إلى علي # وإجماعهم حجة قطعية، مع أن أخبار الوصاية قد بلغت في الشهرة قريب التواتر، روى ذلك المنصور باللّه # من ست طرق، واستدل على ذلك من جهة الشرع أن اللّه تعالى أوجب الوصية وحث عليها جميع المسلمين، فكيف يجوز أن يخل ÷ بأمر أوجبه اللّه على سائر المسلمين، وإذا صحت وصايته لم يصح أن يكون إمام غيره مع وجوده لأن معظم الوصاية في أمته - ÷ الذي هو أولى بهم من أنفسهم - وإقامة من يقوم مقامه منهم؛ إذ لا يجوز أن يتركهم هَمَلاً يضطربون ويختلفون من دون أن يبين لهم من إليه يرجعون وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣]،