[ولاية الإمام في الواجبات على من لم تنفذ أوامره عليه]
  والصلاة والسلام على من بُعث بأكمل الأديان وواضح التبيان، وعلى آله الكرام الكاشفين كل معضل قرناء القرآن.
  وبعد، فقد سألت أيّها الأخ - أرشدك اللّه ورفع قدرك - عن مسألة جليلة القدر، عظيمة الخطر، أجلّ حق من حقوق الإمام، المفترضة على الأنام، وهي تسليم الزكوات إليه، وصيرورة قليلها وكثيرها وظاهرها وباطنها(١) بيديه، ورمتَ حاصلاً نافعاً، جامعاً للأقوال والأدلة، رافعاً للضعيف منها، نافياً لكل شبهةٍ وتعلّة، ينتفع به السائل، ويقر به الناظر، ويطيب به الخاطر، ويحسم بحسامه مادة المفتي، ويقطع به لجاج الناظر، فنقول:
  اتفقت الأئمة الأعلام، والفحول من علماء الإسلام، أن ولاية الزكاة إلى الإمام(٢).
  * والحجة على ذلك، والدليل على ما هنالك: قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣] الآية.
  * وقوله ÷: «أُمرت أن آخذها من أغنيائكم وأردها في فقرائِكم»، والإمام قائم مقامه ÷ في الأحكام، وحفظ بيضة الإسلام.
  * وقوله ÷ لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: «أعلمهم أن في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم».
  * وقوله ÷: «ادفعوا صدقاتكم إلى من ولاه اللّه أمركم»، رواه ابن عمر.
  * وقوله ÷: «أربعة إلى الأئمة: الحد والجمعة والفيء والصدقات».
  وعلى ذلك جرت عادة السلف الراشدين والأئمة الهادين، بل ذلك معلوم لديهم ضرورة - كما ستعرفه - إن نفذت أوامره وبعد الطلب مطلقاً حيث كان مذهبه وجوب عموم الطاعة.
(١) الزكاة الظاهرة هي كالأنعام وبعض عروض التجارة، والباطنة هي بخلافها كالذهب والفضة والأموال فإخراجها وعدمه عائد إلى الورع. تمت من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٢) الاتفاق على الظاهر أما الباطن ففيه خلاف.