الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[ولاية الإمام في الواجبات على من لم تنفذ أوامره عليه]

صفحة 96 - الجزء 1

  واختلف السيدان⁣(⁣١) مع عدم نفوذ الأوامر وما المراد بها⁣(⁣٢)؟

  فاعلم وفقك اللّه أن ثمة أصلاً يرجع إليه وهو أن يقال: هل شرعت الزكاة في المال تعبداً؟ أو في مقابل الحماية والأمان؟

  شاهد الأول: الأدلة الواضحة والبراهين الراسخة اللائحة وستأتي، ولا سبيل إلى الثاني إذاً لأشبهت الجزية، ولسقطت مع عدم ذلك مطلقاً وجد الإمام أم لا، ولا قائل بذلك، ولَمَا جاز للإمام قتال أربابها عليها أبداً والحكمُ ببغيهم حيث قاتلوهم على ما ليس عليهم.

  فإن قلت: إنما جاز للإمام قتالهم لوجوب الطاعة فهي فرع عن ثبوت الولاية.

  قلنا: يرد سؤال الاستفسار، فيقال: ما المراد بالطاعة؟ هل مجرد القول فقط؟ أو الامتثال للأوامر والنواهي، وتسليم الحقوق والإذعان؟ أو الطاعة في بعض الأوامر والحقوق دون بعض؟.

  الأول باطل؛ فليس الدين قولاً بلا عمل.

  وإن كان الثاني؛ فهي من جملة ذلك بل أعظمها.

  وإن كان الثالث؛ فهلمّ المخصص والفارق أن وجوب طاعة الأئمة والولاة في بعض الحقوق دون بعض، ولا تجد [أي: المخصص]؛ إلا كون الزكاة مما يخضم ويقضم!

  فإن قلت: إن النبي ÷ لم يأخذ من أهل مكة.

  قلنا: إن صح فلعدم القدرة لما سنذكره من بثه ÷ السعاة.

  ولأن القول بعدم ولاية الإمام لعدم نفوذ الأوامر يؤدي إلى بطلان الإمامة ونكسها على الهامة، ويلزم التمانع والدور، ألا ترى أن الإمام في أول أوامره ومبتدأ أحواله وقيامه إذا كان لا يجب تأدية حق من حقوق اللّه إليه إلا بالقهر


(١) السيدان هما: المؤيد باللّه، وأبو طالب.

(٢) الخلاف له جانبان: الأول: حول وجوب تسليم الزكاة إلى الإمام إذا لم تكن أوامره نافذة، والثاني: حول معنى نفوذ الأمر.