الحرب الباردة بعد موت الرسول ÷
  ١ - لما رواه أهل السنة أنفسهم في أسباب النزول للواحدي وغيره أن قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ٣٣ وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى ٣٤ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ٣٥ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ٣٦ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ٣٧ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ ...} الآيات [النجم]، نزلت في عثمان بن عفان، وذلك أن عثمان كان يعطي لله شيئاً قليلاً فقال له رجل: أعطني كذا وكذا وأنا أتحمل عنك ذنوبك، فأكدى عثمان ومنع العطاء بعد ذلك، فاستنكر الله عليه ذلك الصنيع.
  ٢ - أن عثمان لم يكن من أهل العطاء بدليل أعماله حين تولى الخلافة فإنه احتكر مال المسلمين، وجعله لبني أمية دون المسلمين فإنه منعهم حقوقهم ولم يعطهم، وكان ذلك أحد الأسباب التي دعت المسلمين إلى قتله.
  ورووا أيضاً أن أبا بكر كان يعطي عطاءً كثيراً في سبيل الله، ويذكرون أن أبا بكر كان تاجراً من تجار قريش، وكل ذلك ليس بصحيح، ودليل ذلك:
  ١ - أن المشهور أن النبي ÷ لم يؤمن به ولم يتبعه حين دعا إلى الله في مكة إلا أهل الفقر والضعف، أما المترفون الذين هم الأغنياء فهم كما قال الله عنهم: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ٣٤}[سبأ].
  ٢ - أن أبا بكر حين تولى الخلافة قرر له الصحابة في كل يوم أربعة دراهم لنفقته ونفقة عياله؛ لأنه يشتغل بأعمال الخلافة فلا يمكنه معها أن يشتغل في طلب نفقته ونفقة عياله كما كان يفعل في حياة النبي ÷.
  ٣ - أن الله تعالى وصف في القرآن المهاجرين بالفقر: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ ...} الآية [الحشر: ٨].
  ٤ - المشهور أن أبا بكر استأجر يوم الهجرة بعيرين أحدهما للنبي ÷ والآخر له، فدفع النبي ÷ أجرة أحدهما، ولم يرض أن يأخذه من أبي