[تقديم]
  ويعتقد الوهابيون أن الإسلام حقيقة هو مذهب أهل السنة والجماعة، وأنه مذهب الصحابة والتابعين، وأن ذلك أمر مفروغ منه، أما سائر الفرق فهي فرق ضلال خارجة عن الإسلام تماماً فمن لم يكن على مذهب أهل السنة والجماعة فليس بمسلم حقيقة.
  فمن أجل ذلك أعرضوا تماماً عن كتب الخلاف وعن أدلة الفرق الأخرى.
  فرأيتُ وضع عدة أسئلة وَجَّهْتُهَا إليهم، وإن كانت الفائدة عامة لكل ناظر فيها ولعل غير الوهابيين يستفيد من النظر فيها أكثر مما يستفيد الوهابيون، والذي يمكن أن يحصل عليه الوهابيون من هذه الأسئلة أن يعرفوا أنهم ليسوا على شيء، وأنهم غارقون في غمرات الجهل والتقليد.
  وليس المطلوب أن يجيبوا على تلك الإشكالات والاستفسارات؛ إذ ليسوا من العلم في عير ولا نفير، وليس عندهم معرفة محكم الكتاب ومتشابهه، ولا دراية لهم بعلوم اللغة العربية حتى يجيبوا على تلك الأسئلة في الآيات القرآنية.
  فلا يميزون بين الحقيقة والمجاز، ولا يعرفون الاستعارة من المرسل، ولا الكناية والتصريح، ولا الإشارة والتلويح، ولا الملزوم واللازم، ولا المشترك والمنفرد، ولا النص الصريح وغير الصريح، ولا دلالة الإيماء والإشارة، ولا مراتب المفهوم، ولا الظاهر والنص، ولا القرائن اللفظية والعقلية، ودلالة المقام والسياق والاقتران، ولا فقه لهم في علم التعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، والذكر والحذف، والزيادة والحصر والقصر، والإطناب والإيجاز والمساواة، وغير ذلك من علم المعاني، ولا ينظرون في علم الاشتقاق والتصريف والإعراب والبناء، فهم بمعزل عن تلك العلوم التي وضعت لمعرفة كلام العرب، فبينهم وبين تفسير الإشكاليات الواردة في القرآن سدود مضروبة، وحُجُب وأستار صعبة الاجتياز، لا يقطعها إلا أهل الذكاء والصبر الطويل والسهر المتواصل سنين طويلة.