رابعا: أشعار في الدنيا
  ألَيسَ اللّهُ في كُلٍّ قَريباً؟ ... بلى! من حَيثُ ما نُودي أجابَا
  ولَمْ تَرَ سائلاً للهِ أكْدَى ... ولمْ تَرَ رَاجياً للهِ خَابَا
  رأَيْتَ الرُّوحَ جَدْبَ العَيْشِ لمَّا ... عرَفتَ العيشَ مخضاً، واحتِلابَا
  ٤ - لِدُوا للموتِ وابنُوا لِلخُرابِ ... فكُلّكُمُ يَصِيرُ إلى تَبابِ
  لمنْ نبنِي ونحنُ إلى ترابِ ... نصِيرُ كمَا خُلِقْنَا منْ ترابِ
  ألا يا مَوْتُ! لم أرَ منكَ بُدّاً، ... أتيتَ وما تحِيفُ وما تُحَأبي
  كأنّكَ قد هَجَمتَ على مَشيبي، ... كَما هَجَمَ المَشيبُ على شَبابي
  أيا دُنيايَ! ما ليَ لا أراني ... أسُومُكِ منزِلاً ألا نبَا بِي
  ألا وأراكَ تَبذُلُ، يا زَماني، ... لِيَ الدُّنيا وتسرِعُ باستلابي
  وإنَّكِ يا زمانُ لذُو صروفُ ... وإنَّكَ يا زمانُ لذُو انقلابِ
  فما لي لستُ أحلِبُ منكَ شَطراً، ... فأحْمَدَ منكَ عاقِبَةَ الحِلابِ
  وما ليَ لا أُلِحّ عَلَيكَ، إلاّ ... بَعَثْتَ الهَمّ لي مِنْ كلّ بابِ
  ٥ - أراكِ وإنْ طلِبْتِ بكلِّ وجْهٍ ... كحُلمِ النّوْمِ، أوْ ظِلِّ السّحاب
  ٦ - أو الأمسِ الذي ولَّى ذهَاباً ... وليسَ يَعودُ، أوْ لمعِ السّرابِ
  وهذا الخلقُ منكِ على وفاءِ ... وارجلُهُمْ جميعاً في الرِّكابِ
  وموعِدُ كلِّ ذِي عملٍ وسعيٍ ... بمَا أسدَى، غداً دار الثّوَابِ
  نقلَّدت العِظامُ منَ البرايَا ... كأنّي قد أمِنْتُ مِنَ العِقاب
  ومَهما دُمتُ في الدّنْيا حَريصاً، ... فإني لا أفِيقُ إلى الصواب
  سأسألُ عنْ أمورٍ كُنْتُ فِيهَا ... فَما عذرِي هُنَاكَ وَمَا جوَابي
  بأيّةِ حُجّةٍ أحْتَجّ يَوْمَ ال ... حِسابِ، إذا دُعيتُ إلى الحسابِ
  هُما أمْرانِ يُوضِحُ عَنْهُما لي ... كتابي، حِينَ أنْظُرُ في كتابي
  فَإمَّا أنْ أخَلَّدَ في نعِيْم ... وإمَّا أنْ أخَلَّدَ في عذابي
  ٧ - لمَ لاَ نبادِرُ مَا نراهُ يفُوتُ ... إذْ نحْنُ نعلمُ أنَّنَا سنمُوتُ
  مَنْ لم يُوالِ الله والرُّسْلَ التي ... نصَحتْ لهُ، فوَليُّهُ الطّاغوتُ