العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

المقدمة

صفحة 4 - الجزء 1

  

المقدمة

  الحمد لله الداعي لعباده إلى فضله وإحسانه وجوده وكرمه بأفصح الكلام وأبلغه وأبينه، وضح لهم السبل بالآيات النيرة، وبين لهم طريق النجاة بالبراهين الصادعة، والأدلة القاطعة، وصلى الله وسلم على حبيب قلوبنا محمد عبدالله ورسوله، أرسله الله بين يدي الساعة إلى جميع الثقلين بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، أنزل عليه القرآن، وأعطاه ملكة فذة في البيان، ورفده بجوامع الكلام، فكان - صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله - أوقع الناس خطابا، وأفصحهم لسانا، فهدى الله به من الضلالة، وبصر به من العمى، وأرشد به من الغي، وفتح به أعيناً عميا وآذاناً صما وقلوباً غلفا، صلى الله عليه وعلى آله الولاة، الذين أقاموا بعده الدين، ودعوا الخلق إلى جنات النعيم.

  وبعد ..

  انطلاقا من قول الله ø: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}⁣[آل عمران ١١٠]، وامتثالا لقوله عز من قائل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}⁣[المائدة ٢]، ولقوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}⁣[آل عمران]، وانبعاثا من: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١٠٨}⁣[يوسف]، وطمعا في نيل النصر العام الذي وعد الله به من ينصره في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}⁣[محمد ٧]، ومدا لليد إلى حبل النجاة من فوهات دائرة الخسران التي أكدها الله بالقسم، وتوعد بها كل إنسان عدا من اتصف منهم بما استثني: {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ٣}، وتعرضاً لسبب من أعظم أسباب الحظوة بالاستقامة التي بها تنال البشارة الملكوتية حين